کتاب الصواعق المحرقة تألیف شهاب الدین أحمد بن حجر الهیتمی نزیل مکة المشرفة المطبوع بمطبعة الممنیة بمصر فی شهر رمضان (1307) الهجریة القمریة ص 94 قال أخرجه صاحب مطالب العالیة عن علی (علیه السلام) قال إنه (یعنی علیا) مر على جمع فأسرعوا إلیه قیاما فقال من القوم فقالوا من شیعتک یا أمیر المؤمنین فقال لهم خیرا ثم قال یا هؤلاء ومالی لا أرى فیکم سمة شیعتنا وحلیة أحبتنا فامسکوا حیاء فقال له من معه نسئلک بالذی أکرمکم أهل البیت وخصکم وحباکم لما أنبائنا بصفة شیعتکم فقال (علیه السلام)
شیعتنا هم العارفون بالله العاملون بأمر الله أهل الفضائل الناطقون بالصواب مأکولهم القوت وملبوسهم الاقتصاد ومشیهم التواضع نجعوا الله بطاعته وخضعوا إلیه بعبادته مضوا غاضین أبصارهم عما حرم الله علیهم رامقین أسماعهم على العلم بربهم نزلت أنفسهم منهم فی البلاء کالتی نزلت منهم فی الرخاء رضوا عن الله تعالى بالقضاء فلولا الآجال التی کتب الله تعالى لهم لم تستقر أرواحهم فی أجسادهم طرفة عین شوقا إلى لقاء الله والثواب وخوفا من ألیم العقاب عظم الخالق فی أنفسهم وصغر ما دونه فی أعینهم فهم والجنة کمن رأها فهم على أرائکها متکئون وهم والنار کمن رآها فهم
فیها معذبون صبروا أیاما قلیلة فأعقبهم راحة طویلة أرادتهم الدنیا فلم یریدوها وطلبتهم فأعجزوها أما اللیل فصافون أقدامهم تألون لاجزاء القرآن ترتیلا یعظون أنفسهم بأمثاله ویستشفون لدائهم بدوائه تارة وتارة یفترشون جباههم واکفهم ورکبهم واطراف أقدامهم تجری دموعهم على خدودهم یمجدون جبارا عظیما و یجارون إلیه فی فکاک رقابهم هذا لیلهم فأما نهارهم فحکماء بررة علماء أتقیاء براهم خوف باریهم فهم کالقداح تحسبهم مرضى أو قد خولطوا وما هم بذلک بل خامرهم من عظمة ربهم وشدة سلطانه ما طاشت لهم قلوبهم و ذهلت منه عقولهم فإذا اشفقوا من ذلک بادروا إلى الله تعالى بالاعمال الزاکیة لا یرضون له بالقلیل ولا یستکثرون له الجزیل فهم لأنفسهم متهمون ومن أعمالهم
مشفقون ترى لأحدهم قوة فی دین وحزما فی لین وایمانا فی یقین وحرصا على علم وفهما فی فقه وعلما فی حلم و کیسا فی قصد وقصدا فی غنى وتجملا فی فاقة وصبرا فی شفقة وخشوعا فی عبادة ورحمة لمجهود واعطاء فی حق ورفقا فی کسب وطلبا فی حلال ونشاطا فی هدى واعتصاما فی شهوة لا یغره ما جهله ولا یدع احصاء ما عمله یستبطئ نفسه فی العمل وهو من صالح عمله على وجل یصبح وشغله الذکر ویمسى وهمه الشکر یبیت حذرا من سنة الغفلة ویصبح فرحا بما أصاب من الفضل والرحمة ورغبته فیما یبقى وزهادته فیما یفنى قد قرن العلم بالعمل والعلم بالحلم دائما نشاطه بعیدا کسله قریبا أمله قلیلا زلله متوقعا أجله عاشقا قلبه شاکرا ربه قانعا نفسه محرزا دینه کاظما غیظه أمنا منه جاره سهلا أمره معدوما کبره بینا صبره کثیرا ذکره لا یعمل شیئا
من الخیر ریاء ولا یترکه حیاء أولئک شیعتنا وأحبتنا ومنا و معنا ألا هؤلاء شوقا إلیهم فصاح بعض من معه وهو همام بن عباد من خیثم وکان من المتعبدین صیحة فوقع مغشیا علیه فحرکوه فإذا هو فارق الدنیا فغسل وصلى علیه أمیر المؤمنین ومن معه