أمالی الصدوق ره ص 205 قال حدثنا أحمد بن الحسن القطان وعلی بن أحمد بن موسى ومحمد بن أحمد السنانی رضی الله عنه قالوا حدثنا أبو العباس أحمد بن یحیى بن زکریا القطان قال محمد بن العباس قال حدثنی أبو محمد بن أبی السرى قال حدثنا أحمد بن عبد الله بن یونس عن سعد بن طریف الکنانی عن الأصبغ بن نباته قال لما جلس على (علیه السلام) فی الخلافة وبایعه الناس خرج إلى المسجد متعمما بغمامة رسول الله صلى الله علیه وآله لابسا بردة رسول الله متقلدا سیف رسول الله صلى الله علیه وآله فصعد المنبر فجلس علیه متهکنا ثم شبک بین أصابعه فوضعها أسفل بطنه ثم قال
یا معاشر الناس سلونی قبل ان تفقدونی هذا سبط العلم هذا لعاب رسول الله هذا ما زقنی رسول الله زقا سلونی فان عندی علم الأولین والآخرین إما لو ثنیت لی وسادة فجلست علیها لا فتیت أهل التوریة بتوراتهم وأفتیت أهل الإنجیل بإنجیلهم حتى تنطق التوریة فتقول صدق على ما کذب لقد أفتاکم بما انزل الله فی وأفتیت أهل الإنجیل بإنجیلهم حتى ینطق الإنجیل فیقول صدق على ما کذب فی لقد أفتاکم بما انزل الله فی وأفتیت أهل القرآن بقرآنهم حتى ینطق القرآن فیقول صدق على ما کذب لقد أفتاکم بما انزل الله فی وأنتم تتلون القرآن لیلا ونهارا فهل فیکم أحد یعلم
ما نزل فیه ولولا آیة فی کتاب الله عز وجل لأخبرتکم بما کان وبما یکون وبما هو کائن إلى یوم القیمة وهی هذه الآیة یمحوا لله ما یشاء ویثبت وعنده أم الکتاب ثم قال علیه السلام سلونی قبل ان تفقدونی فوالذی فلق الحبة وبرء النسمة لو سألتمونی عن آیة آیة فی لیل أنزلت أو فی نهار أنزلت مکیها ومدنیها سفریها وحضریها ناسخها ومنسوخها و محکمها ومتشابهها وتأویلها وتنزیلها لأخبرتکم
فقام إلیه رجل یقال له ذعلب وکان زرب اللسان بلیغا فی الخطب شجاع القلب فقال لقد ارتقى ابن أبی طالب مرقاة صعبة لأخجلنه الیوم لکم فی مسئلتی إیاه فقال یا أمیر المؤمنین هل رأیت ربک فقال علیه السلام ویلک یا ذعلب لم أکن بالذی أعبد ربا لم أره قال فکیف رایته صفه لنا قال ویلک لم تره العیون بمشاهدة الابصار ولکن رأته القلوب بحقائق الایمان ویلک یا ذعلب ان ربى لا یوصف بالبعد ولا بالحرکة ولا بالسکون ولا بقیام قیام انتصاب ولا بجیئة ولا بذهاب لطیف اللطافة لا یوصف
باللطیف عظیم العظمة لا یوصف بالعظم کبیر الکبریاء لا یوصف بالکبر جلیل الجلالة لا یوصف بالغلظ رؤوف الرحمة لا یوصف بالرقة مؤمن لا بعبادة مدرک لا بحاسة قائل لا بلفظ هو فی الأشیاء لا على ممازجة خارج منها على غیر مباینة فوق کل شئ ولا یقال شئ فوقه امام کل شئ ولا یقال له امام داخل فی الأشیاء لا کشئ فی شئ داخل وخارج منها لا کشئ من شئ خارج
فحز ذعلب مغشیا علیه السلام سلونی قبل ان تفقدونی فقام إلیه الأشعث بن قیس فقال یا أمیر المؤمنین کیف تؤخذ من المجوس الجزیة ولم ینزل علیهم کتاب ولم یبعث علیهم نبی فقال بلى والله یا أشعث قد انزل الله علیهم کتابا وبعث إلیهم نبیا وکان لهم ملک سکر ذات لیلة فدعا بابنته إلى فراشه فارتکبها فلما أصبح تسامع به قومه فاجتمعوا إلى بابه فقالوا أیها الملک دنست علینا دیننا فاهلکته فاخرج نطهرک ونقم علیک الحد فقال لهم اجتمعوا واسمعوا کلامی فان یکن لی مخرج مما ارتکبت
وإلا فشأنکم فاجتمعوا فقال لهم هل علمتم ان الله عز وجل لم یخلق خلقا أکرم علیه من أبینا آدم وأمنا حواء قالوا صدقت أیها الملک قال أفلیس قد زوج بنیه بناته وبناته من بنیه قالوا صدقت هذا هو الدین فتعاقدوا على ذلک فحى الله ما فی صدورهم من العلم ورفع عنهم الکتاب فهم الکفرة یدخلون النار بلا حساب والمنافقون أشد حالا منهم
فقال الأشعث والله ما سمعت بمثل هذا الجواب والله لأعدت إلى مثلها ابدا ثم قال علیه السلام سلونی قبل ان تفقدونی فقام إلیه رجل من اقصى المسجد متوکیا على عکازة فلم یزل یتخطأ الناس حتى دنى منه فقال یا أمیر المؤمنین على عمل إذا انا عملته نجانی الله من النار فقال علیه السلام له
اسمع یا هذا ثم افهم ثم استیقن قامت الدنیا بثلاثة بعالم ناطق مستعمل لعلمه وبغنى لا یبخل بماله على أهل دین الله عز وجل وبفقیر صابر فإذا کتم العالم علمه وبخل الغنى ولم یصبر الفقیر فعندها الویل والثبور وعندها یعرف العارفون الله ان الدار قد رجعت إلى بدیها أی إلى الکفر بعد الایمان أیها
السائل فلا تغترن بکثرة المساجد وجماعة أقوام أجسادهم مجتمعة وقلوبهم شتى أیها الناس انما الناس ثلاثة زاهد وراغب وصابر فاما الزاهد فلا یفرح بشئ من الدنیا اتاه ولا یحزن على شئ منها فاته واما الصابر فیتمناها بقلبه فان أدرک منها شیئا صرف عنها نفسه لما یعلم من سوء عاقبتها واما الراغب فلا یبالی من حل أصابها امن حرام قال یا أمیر المؤمنین ما علامة المؤمن فی ذلک الزمان قال ینظر إلى ما أوجب الله علیه من حق فیتولاه وینظر إلى ما خالفه فیتبرء منه وإن کان حبیبا قریبا
قال صدقت والله یا أمیر المؤمنین ثم غاب الرجل فلم نره وطلبه الناس و فلم یجدوه فتبسم علی علیه السلام على المنبر ثم قال مالکم هذا اخى الخضر علیه السلام ثم قال علیه السلام سلونی قبل ان تفقدونی فلم یقم إلیه أحد فحمد الله وأثنى علیه وصلى على نبیه صلى الله علیه وآله وسلم اللغات متهکنا أی متندما قال فی القاموس التهکن التندم سبط العلم أی کثیر العلم زقنی أی أطعمنی ذعلب بکسر الذال وفتح اللام اسم رجل من أصحاب أمیر المؤمنین علیه السلام