فی وصفه الدنیا للمتقین نقلها فی تحف العقول ص 186 قال قال جابر بن عبد الله الأنصاری کنا مع أمیر المؤمنین علیه السلام بالبصرة فلما فرغ من قتال من قاتله أشرف علینا من آخر اللیل فقال ما أنتم فیه فقلنا فی ذم الدنیا فقال علی علیه السلام تذم الدنیا یا جابر ثم حمد الله وأثنى علیه وقال علیه السلام
یا جابر إما بعد فما بال أقوام یذمون الدنیا انتحلوا الزهد فیها الدنیا منزل صدق لمن صدقها ومسکن عافیة لمن فهم عنها ودار غنى لمن تزود منها مسجد أنبیاء الله ومهبط وحیه ومصلى ملائکته ومسکن أحبائه ومتجر أولیائه واکتسبوا فیها الرحمة وربحوا منها الجنة فمن ذا یذم الدنیا یا جابر قد أذنت ببینها ونادت بانقطاعها ونعت نفسها بالزوال ومثلت ببلائها البلاء وشوقت بسرورها إلى السرور وراحت بفجیعة وابتکرت بنعمة
أقول روى الشیخ هذه الخطبة فی الأمالی فی المجلس السابع مع اختلاف کثیر وابن طلحة فی مطالب السئول و المفید فی الارشاد قوله أشرف علینا أی دنا منا فقال ما أنتم أی فی أی حال أنتم وما کلامکم قوله علیه السلام آذنت بمد الهمزة أی أعلمت بینها أی ببعذها ونعاه أی أخبر یفقده وراحت أی وافت وقت العشى وابتکرت أی أصبحت الفجیعة بمعنى الرزیة وفجعة فی المال فجعا من باب نفع فهو مفجوع وتفجعت له توجعت
وعافیة ترهیبا وترغیبا یذمها قوم عند الندامة خدمتهم جمیعا فصدقتهم وذکرتهم فذکروا ووعظتهم فاتعظوا و خوفتهم فخافوا وشوقتهم فاشتاقوا فأیها الذام للدنیا المغتر بغرورها متى استذمت إلیک بل متى غرتک بنفسها بمصارع آباءک من البلى أم بمضاجع أمهاتک من الثرى کم مرضت بیدیک وعللت بکفیک تستوصف لهم الدواء وتطلب لهم الأطباء لم تدرک فیه طلبتک ولم تسعف فیه بحاجاتک بل مثلت الدنیا به نفسک و بحاله حالک غداة لا ینفعک أحباءک ولا یغنى عنک نداءک حین یشتد من الموت أعالین المرض والیم لوعات المضض حین لا ینفع الألیل ولا یدفع العویل یحفز بها الحیزوم ویغص بها الحلقوم
المصرع مکان الصرع أی السقوط والبلى بکسر الباء الفناء بالتحلیل الثرى التراب الندا مرضت المریض أی خدمته فی مرضه وعللت أی خدمته فی علته الطلبة بالکسر ما یطلب أی المطلوب وتسعف نجاحتک أی تقضاها لک أعالین المرض کذا فی جمیع النسخ التی نقلوا فیها هذه الخطبة من الأمالی والارشاد و مطالب السئول وغیرها ولعله جمع اعلان والمراد منها امارات مرض الموت ولو عات جمع لوعة وهی الحرقة من هم أو شوق والمضض الألم والوجع ولوعة المضض حرقته والألیل الأنین والثکل والعویل رفع الصوت بالبکاء والصیاح والحفز الدفع والطعن والازعاج الحیزوم وسط الصدر والظهر والبطن ویغص بها أی یضیق بها
لا یسمعه النداء ولا یروعه الدعاء فیا طول الحزن عند انقطاع الاجل ثم یراح به على شرجع نقله اکف أربع فیضجع فی قبره فی لبث وضیق جدث فذهبت الجدة وانقطعت المدة ورفضته العطفة وقطعته اللطفة لا تقاربه الأخلاء ولا یلم به الزوار ولا اتسقت به الدار انقطع دونه الأثر واستعجم دونه الخبر و بکرت ورثته فأقسمت ترکته ولحقه الحوب وأحاطت به الذنوب فان یکن قدم خیرا طاب مکسبه وان یکن قدم شراتب منقلبه وکیف ینفع نفسا قرارها والموت قصارها والقبر مزارها فکفى بهذا واعظا کفى یا جابر امض معی فمضیت معه حتى آتینا القبور فقال یا أهل التربة إما المنازل فقد سکنت واما المواریث فقد قسمت و إما الأزواج فقد نکحت هذا خبر ما عندنا فما خبر ما عندکم ثم أمسک عنى ملیا ثم رفع رأسه فقال والذی أقل السماء فعلت وسطح الأرض فدحت لو اذن للقوم فی الکلام لقالوا انا وجدنا خیر الزاد
التقوى ثم قال یا جابر إذا شئت فارجع قوله راح أی ذهب فی الرواح أی العشى وعمل فیه ویستعمل لمطلق الذهاب والمضى أیضا والشرجع بالجیم کعسکر الطویل والنعش والجنازة والسریر والخشبة الطویلة المربعة الجده: الوجد القدرة والغنى لم بفلان اتاه فنزل به استعجم سکت عجزا ولم یقدر علیه بکرت أسرعت وتقدمت والحوب الاثم تب خسر قصارها بالفتح والضم غایة جهدها وآخر امرها أقل واستقل السماء رفعها.