جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

57 – ومن خطبه علیه السلام

زمان مطالعه: 13 دقیقه

خطبة الحکمة والوسیلة والخلافة قد نقلها ثقة الاسلام محمد بن یعقوب الکلینی رضوان الله علیه فی أول روضة الکافی رواها عن محمد بن علی بن معمر عن محمد بن علی بن عکایة التمیمی عن الحسین بن النضر العبدی والفهری عن أبی عمرو الأوزاعی عن عمرو بن شمر عن جابر بن یزید قال دخلت على أبى جعفر علیه السلام فقلت یا ابن رسول الله قد أرمضنی اختلاف الشیعة فی مذاهبها فقال یا جابر

ألم أقفک على معنى اختلافهم من أین اختلفوا ومن أی جهة تفرقوا فلا تختلف إذا اختلفوا یا جابر ان الجاحد لصاحب الزمان کالجاحد لرسول الله صلى الله علیه وآله وسلم فی أیامه یا جابر اسمع و ع قلت إذا شئت قال: اسمع وع وبلغ حیث انتهت بک راحلتک ان أمیر المؤمنین علیه السلام خطب الناس بالمدینة بعد سبعة أیام من وفات رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم وذلک حین فرغ من جمع القرآن وتألیفه فقال الحمد لله الذی منع الأوهام

ان تنال إلى وجوده وحجب العقول ان تتخیل ذاته لامتناعها من الشبه والتشاکل بل هو الذی لا یتفاوت فی ذاته ولم یتبعض بتجزیة العدد فی کماله فارق الأشیاء لا على اختلاف الأماکن ویکون فیها لا على وجه الممازجة وعلمها لا بأداة لا یکون العلم الا بها ولیس بینه وبین معلومه علم عبره به کان عالما بمعلومه ان قیل کان فعلى تأویل أزلیة الوجود وان قیل لم یزل فعلى تأویل نفى العدم فسبحانه تعالى عن قول من عبد سواه واتخذ آلها غیره علوا کبیرا نحمده بالحمد الذی ارتضاه من خلقه وأوجب قبوله على نفسه واشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شریک له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله شهادتان ترفعان القول وتضاعفان العمل خف میزان ترفعان منه وثقل میزان توضعان فیه وبهما الفوز بالجنة والنجاة من النار والجوار على الصراط وبالشهادة تدخلون الجنة وبالصلاة تنالون الرحمة أکثروا من الصلاة على نبیکم ان الله وملائکته یصلون على النبی یا أیها الذین آمنوا صلوا علیه و

سلموا تسلیما أیها الناس انه لا شرف أعلى من الاسلام ولا کرم أعز من التقوى ولا معقل أحرز من الورع ولا شفیع انجح من التوبة ولا لباس أجمل من العافیة ولا وقایة امنع من السلامة ولا مال اذهب بالفاقة من الرضا بالقناعة ولا کنزا غنى من القنوع ومن اقتصر على بلغة الکفاف فقد انتظم الراحة وتبوء خفض الدعة والرغبة مفتاح التعب والاحتکار مطیة النصب والحسد آفة الدین والحرص داع إلى التقحم فی الذنوب و هو داع الحرمان والبغی سایق إلى الحین والشر جامع لمساوى العیوب رب طمع خائب وأمل کاذب ورجاء یؤدى إلى الحرمان وتجارة تؤل إلى الخسران الا ومن تورط فی الأمور غیرنا ظر فی العواقب فقد تعرض لمفضحات النوائب وبئست القلادة قلادة الذنب للمؤمن أیها الناس انه لا کنز أنفع من العلم ولا عز ارفع من الحلم ولا حسب أبلغ من الأدب ولا نصب أوضع من الغضب ولا جمال أزین من العقل ولا سوءة أسوء من الکذب ولا حافظا احفظ من الصمت ولا غائب أقرب من الموت

أیها الناس من نظر فی عیب نفسه اشتغل عن عیب غیره ومن سل سیف البغى قتل به ومن حفر لأخیه بئرا وقع فیها ومن هتک حجاب غیره انکشفت عورات بیته ومن نسى زلله استعظم زلل غیره ومن أعجب برایه ضل ومن استغنى بعقله زل ومن تکبر على الناس ذل ومن سفه على الناس شتم ون خالط الأنذال حقر ومن حمل ما یطیق عجز أیها الناس انه لا مال أعود من العقل ولا فقر أشد من الجهل ولا واعظ أبلغ من النصح ولا عقل کالتدبیر ولا عبادة کالتفکر ولا مظاهرة أوثق من المشاورة ولا وحشة أشد من العجب ولا ورع کالکف ولا حلم کالصبر والصمت أیها الناس فی الانسان عشر خصال یظهرها لسانه شاهد یخبر عن الضمیر وحاکم یفضل بین الخطاب وناطق یرد به الجواب وشاهد یدرک به الحاجة وواصف یعرف به الأشیاء وآمر یأمر بالحسن وواعظ ینهى عن القبیح ومعز یسکن به الآخران وحاضر تجلى به الضغائن ومونق یلهى الاسماع أیها الناس انه لا خیر فی الصمت عن

الحکم کما أنه لا خیر فی القول بالجهل واعلموا أیها الناس انه من لم یملک لسانه یندم ومن لا یعلم یجهل ومن لا یتحلم لا یحلم ومن لا یرتدع لا یعقل ومن یهن لا یوقر ومن یتق ینج ومن یکتسب مالا من غیر حقه یصرفه فی غیر اجره ومن لا یدع وهو محمود یدع وهو مذموم ومن لم یعط قاعدا منه قائما ومن یطلب العز من غیر حق یذل ومن یغلب بالجور یغلب و من عاند الحق لزمه الوهن ومن تفقه وقر ومن تکبر حقر ومن لا یحسن لا یحمد واعلموا أیها الناس ان المنیة قبل الدنیة والتجلد قبل التبلد والحساب قبل العقاب والقبر خیر من الفقر وغض البصر خیر من کثیر من النظر والدهر یوم لک ویوم علیک فإذا کان لک فلا تبطر وإذا کان علیک فاصبر فبکلیهما تمتحن (وفى نسخة وکلاهما سیخسر) واعلموا أیها الناس أعجب ما فی الانسان قلبه وله مواد من الحکمة واضداد من خلافها فان سنح له الرجاء أذلة الطمع وان هاج به الطمع أهلکه الحرص وان ملکه الیأس قتله الأسف وان عرض له الغضب اشتد به الغیظ وان أسعد

بالرضا نسى التحفظ وان ناله الخوف شغله الحذر وان اتسع له الامن استلبته العزة (وفى نسخة أخذته العزة) وان جددت له النعمة أخذته العزة وان أفاد مالا أطغاه الغناء وان غضته فاقة شغله البلاء (وفى نسخة جهده البکاء) وان اصابته مصیبة فضحه الجزع وان أجهده الجوع قعد به الضعف وان أفرط فی الشبع کظته البطنة فکل تقصیر به مضر وکل افراط له مفسد أیها الناس انه من قل ذل ومن جاد ساد ومن کثر ماله رأس و من کثر حلمه نبل ومن أفکر فی ذات الله تزندق ومن أکثر من شئ عرف به ومن کثر مزاحه استخف به ومن کثر ضحکه ذهبت هیبته فسد حسب من لیس له أدب ان أفضل الفعال صیانة العرض بالمال لیس من جالس الجاهل بذى معقول من جالس الجاهل فلیستعد لقیل وقال لن ینجو من الموت غنى بماله ولا فقیر لإقلاله أیها الناس لو أن الموت یشترى لا اشتراه من أهل الدنیا الکریم الأبلج واللئیم

الملهوج أیها الناس ان للقلوب شواهد تجرى الأنفس عن مدرجة أهل التفریط وتفطنه الفهم للمواعظ ما یدعوا لنفس إلى الحذر من الخطر وللقلوب خواطر للهوى والعقول تنهى وتزجر وفى التجارب علم مستأنف والاعتبار یقود إلى الرشاد وکفاک أدبا لنفسک ما تکرهه لغیرک وعلیک لأخیک المؤمن مثل الذی لک علیه لقد خاطر من استغنى برایه والتدبر قبل العمل فإنه یؤمنک من الندم من استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطاء ومن أمسک عن الفضول عدلت رأیه العقول ومن حصر شهوته فقد صان قدره ومن أمسک لسانه امنه قومه ونال حاجته وفى تقلب الأحوال علم جواهر الرجال والأیام توضح لک السرائر الکامنة ولیس فی البرق الخاطف مستمتع لمن یخوض فی الظلمة ومن عرف بالحکمة لحظته العیون بالوقار والهیبة وأشرف الغنى ترک المنى والصبر جنة من الفاقة والحرص علامته الفقر والبخل جلباب المسکنة والمودة قرابة

مستفادة ووصول معدم خیر من جاف مکثر والموعظة کهف لمن وعاها ومن اطلق طرفه کثر أسفه وقد أوجب الدهر شکره على من نال سؤله وقل ما ینصفک اللسان فی نشر قبیح أو احسان ومن ضاق خلقه مله أهله ومن نال استطال قل ما تصدقک الأمنیة والتواضع یکسوک المهابة وفى سعة الأخلاق کنوز الأرزاق کم من عاکف على ذنبه فی آخر أیام عمره ومن کساه الحیاء ثوبه خفى على الناس عیبه وانح القصد من القول فان من تحرى القصد خفت علیه المؤن وفى خلاف النفس رشدک من عرف الأیام لم یغفل عن الاستعداد الا وان مع کل جرعة شرقا وان فی کل اکلة غصصا لا تنال نعمة الا بزوال أخرى ولکل رمق قوت ولکل حبة آکل وأنت قوت الموت اعلموا أیها الناس انه من مشى على وجه الأرض فإنه یصیر إلى بطنها واللیل والنهار یتسارعان (یتنازعان) فی هدم الأعمار یا أیها

الناس کفران النعمة لوم وصحبته الجاهل شوم ان من الکرم لین الکلام ومن العبادة اظهار اللسان وافشاء السلام إیاک والخدیعة فإنها من خلق اللئیم لیس کل طالب یصیب ولا کل غائب یؤب لا ترغب فیمن زهد فیک رب بعید هو أقرب من قریب سل عن الرفیق قبل الطریق وعن الجار قبل الدار الا ومن أسرع فی المسیر أدرکه المقیل استر عورة أخیک لما تعلمها فیک اغتفر زلة صدیقک لیوم یرکبک عدوک من غضب على من لا یقدر على ضره طال حزنه وعذب نفسه من خاف ربه کف ظلمه (من خاف ربه کفى عذابه) من لم یرع فی کلامه أظهر فخره ومن لم یعرف الخیر من الشر فهو بمنزلة البهیمة ان من الفساد إضاعة الزاد ما أصغر المصیبة مع عظم الفاقة غدا هیهات هیهات وما تناکرتم الا لما فیکم من المعاصی والذنوب فما أقرب الراحة من التعب و البؤس من النعیم وما شر بشر بعده الجنة وما خیر بخیر بعده

النار وکل نعیم دون الجنة محقور وکل بلاء دون النار عافیة وعند تصحیح الضمائر تبدوا لکبائر تصفیة العمل أشد من العمل وتخلیص النیة من الفساد أشد على العاملین من طول الجهاد هیهات لولا التقى کنت أدهى العرب أیها الناس ان الله تعالى وعد نبیه محمدا صلى الله علیه وآله وسلم الوسیلة ووعده الحق ولن یخلف الله وعده الا وان الوسیلة أعلى درج الجنة وذروة ذرایب الزلفة ونهایة غایته الأمنیة لها الف مرقاة ما بین المرقاة إلى المرقاة حضر الفرس الجواد مأة (الف) عام وهو ما بین مرقاة درة إلى مرقاة جوهرة إلى مرقاة زبرجد إلى مرقاة لؤلؤ إلى مرقاة یاقوتة إلى مرقاة زمردة إلى مرقاة مرجان إلى مرقاة کافور إلى مرقاة عنبر إلى مرقاة یلنجوج إلى مرقاة ذهب إلى مرقاة فضة إلى مرقاة غمام إلى مرقاة هواء إلى مرقاة نور قد أنافت على کل الجنان ورسول الله صلى الله علیه وآله وسلم

یومئذ قاعد علیها مرتد بریطتین ریطة من رحمة الله وریطة من نور الله علیه تاج النبوة وإکلیل الرسالة قد أشرق بنوره الموقف وانا یومئذ على الدرجة الرفیعة وهی دون درجته وعلى ریطتان ریطة من ارجوان النور وریطة من کافر و الرسل والأنبیاء قد وقفوا على المراقی واعلام الأزمنة وحجج الدهور عن ایماننا قد تجللتهم حلل النور والکرامة لا یرانا ملک مقرب ولا نبی مرسل الا بهت بأنوارنا وعجب من ضیائنا وجلالتنا وعن یمین الوسیلة عن یمین الرسول صلى الله علیه و آله وسلم غمامة بسیطة (بسطة) البصر یأتی منها النداء یا أهل الموقف طوبى لمن أحب الوصی وآمن بالنبی الأمی العربی ومن کفر به فالنار موعده وعن یسار الوسیلة عن یسار الرسول صلى الله علیه وآله وسلم ظلة یأتی منها النداء یا أهل الموقف طوبى لمن أحب الوصی وآمن بالنبی الأمی والذی له الملک الاعلى لا فاز

أحد ولا ناله الروح والجنة الا من لقى خالقه بالاخلاص لهما والاقتداء بنجومها فایقنوا یا أهل ولایة الله ببیاض وجوهکم وشرف مقعدکم وکرم مابکم وبفوزکم الیوم على سرر متقابلین و یا أهل الانحراف والصدود عن الله عز ذکره ورسوله وصراطه واعلام الأزمة أیقنوا بسواد وجوهکم وغضب ربکم جزاء بما کنتم تعملون و ما من رسول سلف ولا نبی مضى الا وقد کان مخبرا أمته بالمرسل الوارد من بعده ومبشرا برسول الله صلى الله علیه وآله وسلم وموصیا قومه باتباعه ومحله عند قومه لیعرفوه بصفته ولیتبعوه على شریعته وکیلا یضلوا فیه من بعده فیکون من هلک وضل بعد وقوع الانذار والاغدار عن بینة وتعیین حجة فکانت الأمم فی رجاء من الرسل وورود من الأنبیاء ولئن أصیبت بفقد نبی بعد نبی على عظم مصائبهم وفجائعها بهم فقد کانت على سعة من الأهل ولا مصیبة عظمت ولا رزیة جلت کالمصیبة برسول الله صلى الله علیه وآله وسلم

لان الله ختم به الانذار والاعذار وقطع به الاحتجاج والعذر بینه و بین خلقه وجعله بابه الذی بینه وبین عباده ومهیمنه الذی لا یقبل الا به ولا قربة إلیه الا بطاعته وقال فی محکم کتابه ومن یطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناک علیهم حفیظا فقرن طاعته بطاعته ومعصیته بمعصیته وکان ذلک دلیلا على ما فوض الله إلیه وشاهدا له على من اتبعه وعصاه وبین ذلک فی غیر موضع من الکتاب العظیم فقال تعالى فی التحریص على اتباعه والترغیب فی تصدیقه والقبول لدعوته قل ان کنتم تحبون الله فاتبعونی یحبکم الله ویغفر لکم ذنوبکم فاتباعه محبة الله ورضاه غفران الذنوب وکمال الفوز ووجوب الجنة وفى التولی عنه والاعراض محادة الله وغضبه وسخطه والبعد منه مسکن النار وذلک قوله ومن یکفر به من الأحزاب فالنار موعده یعنى الجحود به والعصیان له فان الله تعالى امتحن بی عباده وقتل بیدی اضداده وافنى بسیفی جحاده وجعلنی زلفة للمؤمنین وحیاض موت على

الجبارین وسیفه على المجرمین وشد بی ازر رسوله وأکرمنی بنصره وشرفنی بعلمه وحبانی باحکامه واختصنی بوصیته واصطفانی بخلافته فی أمته وقد حشده المهاجرون والأنصار وانغصت به المحافل أیها الناس ان علیا منى کهرون من موسى الا انه لا نبی بعده فعقل المؤمنون عن الله نطق الرسول إذ عرفونی انى لست بأخیه لأبیه وامه ولا کنت نبیا فاقتضى نبوة ولکن کان ذلک منه استخلافا لی کما استخلف موسى هارون حیث یقول أخلفنی فی قومی وأصلح ولا تتبع سبیل المفسدین وقوله صلى الله علیه وآله وسلم حین تکلمت طائفة وقالت نحن موالى رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم فخرج رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم إلى حجة الوداع ثم صار إلى غدیر خم فامر فاصلح له شبه المنبر ثم علاه واخذ بعضدی حتى رأى بیاض إبطیه رافعا صوته قائلا فی محفله من کنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وکانت على ولایتی ولایة الله وعلى عداوتی عداوة الله

وانزل الله تعالى فی ذلک الیوم أکملت لکم دینکم وأتممت علیکم نعمتی ورضیت لکم الاسلام دینا فکانت ولایتی کمال الدین ورضا الرب تعالى وانزل الله تعالى اختصاصا لی وتکریما نحلینه واعظاما وتفضیلا من رسول الله منحنیه وهو قوله تعالى ثم ردوا إلى الله مولیهم الحق الاله الحکم وهو أسرع الحاسبین فی مناقب لو ذکرتها لعظم بها الارتفاع وطال لها الاستماع ولئن تقتمصها دونی الأشقیان ونازعانی فیما لیس لهما بحق ورکباها ضلالة واعتقداها جهالة فلبئس ما علیه وردا و لبئس ما لأنفسهما مهدا یتلاعنان فی دورهما ویبرء کل واحد منهما من صاحبه یقول لقرینه إذا التقیا یا لیت بینی وبینک بعد المشرقین فبئس القرین فیجیبه الأشقى على رثوثة یا لیتنی لم أتخذک خلیلا لقد أضللتنی عن الذکر بعد إذ جائنی وکان الشیطان للانسان خذولا فانا الذکر الذی عنه ضل والسبیل الذی عنه مال والایمان الذی به کفر والقرءان الذی إیاه هجر

والدین الذی به کذب والصراط الذی عنه نکب ولئن رتعا فی الحطام المنصرم والغرور المنقطع وکانا منه على شفا حفرة من النار لهما على شر ورود فی أخیب وفود وألعن مورود یتصارخان باللعنة ویتناعقان بالحسرة مالهما من راحة ولا عن عذابهما من مندوحة ان القوم لم یزالوا عباد أصنام وسدنة أوثان یقیمون لها المناسک وینصبون لها العتایر (العمایر) ویتخذون لها القربان ویجعلون لها البحیرة والوصیلة والسائبة والحام ویستقسمون بالأزلام عامهین عن الله عز وجل جائزین عن الرشاد ومهطعین إلى البعاد قد استحوذ علیهم الشیطان وغمرتهم سوداء الجاهلیة ورضعوا جهالة وانفطموا ضلالة فأخرجنا الله إلیهم رحمة واطلعنا علیهم رأفة واسفر بنا عن الحجب نورا لمن اقتبسه وفضلا لمن اتبعه وتأییدا لمن صدقه فتبوأوا العزة بعد الذلة والکثرة بعد القلة وهابتهم القلوب والابصار وأذعنت لهم الجبابرة وطوائفها

وصاروا أهل نعمة مذکورة وکرامة میسورة وامن بعد خوف وجمع بعد کوف وأضائت بنا مفاخرة معد بن عدنان وأولجناهم باب الهدى وأدخلناهم دار السلام وأشملناهم ثوب الایمان وفلجوا بنا فی العالمین وأبدت لهم أیام الرسول آثار الصالحین من حام مجاهد ومصل قانت ومعتکف زاهد یظهرون الأمانة ویأتون المثابة حتى إذا دعى الله عز وجل نبیه صلى الله علیه وآله ورفعه إلیه لم یک ذلک بعده الا کلمحة من خفقة أو ومیض من برقة إلى أن رجعوا إلى الأعقاب وانتکصوا على الادبار وطلبوا بالأوتار و اظهروا الکتائب وردموا الباب وفلوا الدار وغیروا آثار الرسول صلى الله علیه وآله وسلم ورغبوا عن احکامه وبعدوا من انواره واستبدلوا بمستخلفه بدیلا اتخذوه وکانوا ظالمین وزعموا أن من اختاروا من آل أبی قحافة أولی بمقام رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم ممن اختاره الرسول صلى الله علیه وآله وسلم لمقامه وان مهاجر آل

أبى قحافة خیر من مهاجری الأنصار الربانی ناموس هاشم بن عبد مناف الا وان أول شهادة زور وقعت فی الاسلام شهادتهم ان صاحبهم مستخلف رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم فلما کان من أمر سعد بن عبادة ما کان رجعوا عن ذلک وقالوا ان رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم مضى ولم یستخلف وکان رسول الله صلى الله علیه وآله الطیب المبارک أول مشهود الزور فی الاسلام (وفى نسخة أول مشهود علیه بالزور فی الاسلام) وعن قلیل یجدون غب ما یعملون وسیجد التالون غب ما سنته (أسسته) الأولون ولئن کانوا فی مندوحة من المهل وشقاء من الاجل وسعة من المنقلب واستدراج من الغرور وسکون من الحال وادراک من الأمل فقد امهل الله عز وجل شداد بن عاد وثمود بن عبود وبلعم بن باعور (بحور) واسبغ علیهم نعمه ظاهرة وباطنة وأمدهم بالأموال والأعمار واتتهم الأرض ببرکاتها لیذکروا

آلاء الله ولیعترفوا الإهابة له والإنابة إلیه ولینتهوا عن الاستکبار فلما بلغوا المدة واستتموا الأکلة اخذهم الله عز وجل واضطلمهم فمنهم من حصب ومنهم من أخذته الصیحة ومنهم من أحرقته الظلمة ومنهم من أردته الرجعة ومنهم من أردته الخسفة و ما کان الله لیظلمهم ولکن کانوا أنفسهم یظلمون الا وان لکل أجل کتابا فإذا بلغ الکتاب اجله لو کشف لک عما هوى إلیه الظالمون و آل إلیه الأخسرون لهربت إلى الله عز وجل مما هم علیه مقیمون و إلیه صایرون الا وانى فیکم أیها الناس کهرون فی آل فرعون وکباب حطة بنی إسرائیل وکسفینة نوح فی قوم نوح وانى النبأ العظیم والصدیق الأکبر وعن قلیل ستعلمون ما توعدون وهل الا کلعقة الاکل ومذقة الشارب وخفقة الوسنان ثم تلزمهم المعرات جزاء فی الدنیا ویوم القیمة تردون إلى أشد العذاب و ما الله بغافل عما یعملون فما جزاء من تنکب محجته وأنکر حجته

وخالف هداته وحار عن نوره واقتحم فی ظلمه واستبدل بالماء السراب وبالنعیم العذاب وبالفوز الشقاء وبالسراء الضراء وبالسعة الضنک الا جزاء افتراقه وسوء خلافه فلیوقنوا بالوعد على حقیقته ولیستیقنوا بما یوعدون ثم تأتی الصیحة بالحق ذلک یوم الخروج انا نحن نحیی ونمیت والینا المصیر یوم تشقق الأرض منهم سراعا (إلى آخر السورة)

أقول: قوله أعز من التقوى العز خلاف الذل والعزة أیضا القلة وندره الوجود ویکون بمعنى الغلبة والعزیز الغالب ولا یخفى مناسبة مع جمیع المعانی وان احتاج الأخیر إلى تکلف المعقل بالکسر الملجأ والحصن قوله ولا شفیع انجح النجح والنجاح الظفر بالحوائج قوله ولا لباس أجمل الجمال الحسن والبهاء والزینة والعافیة قوله من الرضا بالقناعة فی نهج البلاغة الرضا بالقوت البلغة ما یتبلغ به من العیش والتی تکف عن الناس قوله وتبوء احفظی الدعة متقاربان کلاهما بمعنى السکون والإضافة للتأکید والمبالغة أی اتخذها غایة السکون والراحة والمطیة المرکوب التقحم الدخول فی الامر البغى الظلم والاستطالة ومجاوزة الحد والحین بالفتح الهلاک والنصب بالفتح التعب وفى بعض النسخ بالسین أی نسب صاحب الغضب السوءة الخلة القبیحة الأنذال جمع النذل الخسیس أی ذوی الأخلاق الدنیة أعود أی أنفع العجب اعجاب المرء بنفسه وفضائله واعماله الحکم بضم الحاء العقل وفى بعض النسخ الحکم بمعنى الحکمة لا یرتدع أی لا ینزجر عن القبائح لا یدع أی لا یترک الدنیة النقیصة والحالة الخسیسة المنیه الموت التجلد ضد التبلد الذی هو التردد غض البصر فی بعض النسخ عمى البصر وهو لعله أظهر کظه البطنة الکظه بالکسر شئ یعترى الانسان عن الامتلاء من الطعام و یقال کظنی هذا الامر أی جهدنی من الکرب رأس بفتح الهمزة أی رئیس للقوم نبل من النبالة بمعنى الفضل والشرف تزندق أی صار زندیقا وهو یطلق على منکر الصانع وکل ملحد الایلج أی مشرق الوجه والذی قد وضح ما بین حاجبیه والملهوج من اللهج واللهج بالشئ الولوع به والظاهر أن الملهوج بمعنى الحریص المدرجة المذهب والمسلک جلباب

المسکنة کسرداب وکسنمار القمیص وثوب واسع للمرأة دون الملحفة أو هو الخمار ووصول معدم أی یصل الناس بحسن الخلق والمودة مع فقره وجاف بمعنى سیئ الخلق والغلیظ النیل إصابة الشئ ونال بمعنى أصاب المال أو العلم أو العزو نحوها انح القصد أی اقصد الوسط وجانب التعدی والافراط والتفریط الشرق والغصة اعتراض الشئ فی الحلق وعدم أساغته والأول یطلق فی الشرب والثانی فی الاکل وذی رمق بمعنى ذی حیاة أدرکه المقیل أی النوم والاستراحة استر عورة أخیک أی عیوبه من لم یرع بالمهملة من رعى یرعى أی عدم الرعایة فی الکلام یوجب اظهار الفخر ولا یبعدان یکون بضم الراء من الروع أی الخوف وفى بعض النسخ بالمعجمة یقال کلام مرغ إذا لم یفصح إضاعة الرأی أی الاسراف فیه أدهى العرب الدهى الفکر وجودة الرأی وذروة ذوائب الزلفة قال الجوهری ذرى الشئ بالضم أغالیه الواحد ذروة وذروة والمراد هنا الحیل الباطلة والحضر بالضم العدو قد أناقت أی ارتفعت وأشرفت بریطتین الریطة بفتح الراء کل ثوب رقیق لین والإکلیل شبه عصابة تزین بالجواهر یزین به التاج الأرجوان معرب ارغوان بهت أی تحیر بسطة البصر أی قدر مد البصر أظلة وفى بعض النسخ ظلة بضم الظاء السحاب وما أظلک من شجر وغیرها ومحلیه أی یذکر حلیته والحلیة الصفة والنعت والاقتداء بنجومهما أی الأئمة علیهم السلام حسم أی قطع وفى بعض النسخ ختم ومهیمنه أی شاهده وشاهدا أی حجة وبرهانا محادة الله المحادة المخالفة والمنازعة الزلفة بالضم القرب والمنزلة الأزر القوة وحبانی أی أعطانی وانغصت أی تضیقت من غاص باهله تقمصها أی لبسها یتلاعنان فی دورهما الدور جمع الدار والمراد بهما نار البرزخ ونار الخلد الحطام هو المستکسر من الخشب والحشیش والنبات یتناهقان النهیق صوت الغراب والصوت الذی یزجر به الغنم أی یتناهقان بصوت البهائم المندوحة السعة سدانة أوثان أی خادم بیت الأصنام العتایر جمع عتیرة وهی التی کانت تعترها الجاهلیة وهی ذبیحة تذبح فی بیت الأصنام فیصب دمها على رأسها البحیرة الناقة إذا نتجت خمسة أبطن فإن کان آخرها ذکرا بحروا اذنها أی شقوها وحرموا رکوبها ولا تطرد عن ماء ولا مرعى ولو لقاها المعبر لم یرکبها والسائبة ما کانوا یسیبونه کان الرجل یقول إذا قدمت من سفری أو برءت من مرضى فناقتی سائبة فکانت کالجیرة فی تحریم الانتفاع بها والوصیلة فی الغنم کانت الشاة إذا ولدت اثنى فهی لهم وإذا ولدت ذکر إذ یحوه لآلهتهم فان ولدت ذکرا وأنثى قالوا وصلت أخاها فلم یذبحوا الذکر لأجلها والحام هو الفحل إذا أنتجت من صلبه عشرة أبطن قالوا قد حتى ظهره فلا یرتکب ولا یحمل علیه ولا یمنع من ماء ولا مرعى ولهذه الأربعة معان اخر لا یقتضى المقام ذکرها

ویستقسمون بالأزلام قال الطبرسی هی قداح کانت لهم مکتوب على بعضها امرنى ربى وعلى بعضها نهانی ربى وعلى بعضها غفل فمعنى الاستقسام بالأزلام طلب معرفة ما یقسم له بالأزلام وقیل هو المسیر وقسمتهم الجزور على القداح العشرة فالقد له سهم والتوأم له سهمان والمسبل له ثلاثة أسهم والنافس له أربعة أسهم والرقیب له ستة أسهم والمعلى له سبعة أسهم والسفیح والمنیح والوعد الا انضباء لها وکانوا یدفعون القداح إلى رجل یقسمها وکان ثمن الجزور على من لم یخرج هذه الثلاثة التی لا انصباء لها وهو القمار الذی حرمه الله تعالى وقیل هو الشطرنج والنرد عامهین عن الله العمة فی البصیرة کالعمى فی البصر مهطعین إلى البعاد یقال أهطع فی عدوه أی أسرع فهو بمعنى مسرعین إلى ما یبعدهم عن الله وعن الحق والرشاد استحوذ أی غلب أسفر بنا أی ظهر بنا الباء للسبیة فتبؤوا العز بعد الذلة أی اسکنوا واستقروا فی العز بعد کوف أی تفرق وتقطع معد بن عدنان أبو العرب أولجناهم أی دخلناهم المثابة الکعبة واستملناهم أی ألبسناهم وأعطیناهم وفلجوا أی ظفروا وفازوا من حام أی من یحمى الدین بالجهاد اللمحة سرعة الابصار الخفقة النعسة والاضطراب وانتکصوا أی رجعوا قهقری الأوتار جمع وتر بالکسر وهو الجنایة الکتائب جمع کتیبه بمعنى الجیش ردموا الباب أی سدوه فلوا بالفاء واللام المشددة أی کسروا الغب بالکسر عاقبة الشئ مندوحة من المهل أی سعة من المهلة وشقى أی قلیل وسعة من المنقلب أی الانقلاب والرجوع إلى الله بالموت وعبود کتوز اسم أبى ثمود وهی قوم صالح النبی علیه السلام الاهابة الهبة والمخافة واستتموا لأکلة أی الرزق المقدر لهم من حصب على البناء للمفعول عن المجرد أی رمى بالحصبا وهی الحصا والظلة السحاب أردته الرجعة أی أهلکته الزلزلة الخسفة أی الخسف والسوخ فی الأرض اللعقة الاکل بالإصبغ مرة ونعسة نعسها وسنان أی النائم الذی لم یستقر ولم یستغرق فی النوم المعرة الاثم والأذى والعزم والدیة والجنایة من تنکب محجته أی عدله عن طریقه الواضح حاد أی مال الاقتحام الدخول فی الامر بغیر رویة.