عقد الفرید للمالکی ج 2 ص 167 قال وخطبته الزهراء أی من خطبه علیه السلام خطبة الزهراء الحمد لله الذی هو أول کل شئ وبدیه ومنتهى کل شئ و ولیه وکل شئ خاشع له وکل شئ قائم به وکل شئ ضارع إلیه وکل شئ مستکین له خشعت له الأصوات وکلت دونه الصفات وضلت دونه الأوهام وحارت دونه الأحلام وانحسرت دونه
الابصار لا یقضى فی الأمور غیره ولا یتم شئ منها دونه سبحانه ما أجل شانه وأعظم سلطانه تسبح له السماوات العلى ومن فی الأرض السفلى له التسبیح والعظمة والملک والقدرة والحول و القوة یقضى بعلم ویعفو بحلم قوة کل ضعیف ومفزع کل ملهوف وعز کل ذلیل وولى کل نعمة وصاحب کل حسنة وکاشف کل کربة المطلع على کل خفیة المحصى کل سریرة یعلم ما تکن الصدور وما ترخى علیه الستور الرحیم بخلقه الرؤوف بعباده من تکلم منهم سمع کلامه ومن سکت منهم علم ما فی نفسه ومن عاش منهم فعلیه رزقه ومن مات منهم فالیه مصیره أحاط بکل شئ علمه واحصى کل شئ حفظه اللهم لک الحمد عدد ما تحیى وتمیت وعدد أنفاس خلقک ولفظهم ولحظ أبصارهم وعدد ما تجرى به الریح وتحمله السحاب ویختلف به اللیل والنهار ویسیر به الشمس والقمر والنجوم حمدا لا ینقضى عدده ولا یفنى أمده اللهم أنت
قبل کل شئ والیک مصیر کل شئ وتکون بعد هلاک کل شئ وتبقى ویفنى کل شئ وأنت وارث کل شئ أحاط علمک بکل شئ ولیس یعجزک شئ ولا یتوارى عنک شئ ولا یقدر أحد قدرتک ولا یشکرک أحد حق شکرک ولا تهتدى العقول لصفتک ولا تبلغ الأوهام حدک حارت الابصار دون النظر إلیک فلم ترک عین فتخبر عنک کیف أنت وکیف کنت لا نعلم اللهم کیف عظمتک غیر انا نعلم أنک حی قیوم لا تأخذک سنة ولا نوم لم ینته إلیک نظر و لم یدرکک بصر ولا یقدر قدرتک ملک ولا بشر أدرکت الابصار وکتمت الآجال و أحصیت الأعمال واخذت بالنواصی والاقدام لم تخلق الخلق لحاجة ولا لوحشة ملئت کل شئ عظمة فلا یرد ما أردت ولا یعطى ما منعت ولا ینقص سلطانک من عصاک ولا یزید فی ملکک من أطاعک کل سر عندک علمه وکل غیب عندک شاهده فلم یستتر عنک شئ ولم یشغلک شئ عن شئ وقدرتک
على ما تقضى کقدرتک على ما قضیت وقدرتک على القوى کقدرتک على الضعیف وقدرتک على الاحیاء کقدرتک على الأموات فإلیک المنتهى وأنت الموعد لا منجا الا إلیک بیدک ناصیته کل دابة وبإذنک تسقط کل ورقة لا یعزب عنک مثقال ذرة أنت الحی القیوم سبحانک ما أعظم ما یرى من خلقک ما أعظم ما یرى من ملکوتک وما أقلهما فیما غاب عنا منه وما أسبغ نعمتک فی الدنیا وأحقرها فی نعیم الآخرة وما أشد عقوبتک فی الدنیا وما أیسرها فی عقوبة الآخرة و ما الذی نرى من خلقک ونعتبر من قدرتک ونصف من سلطانک فیما یغیب عنا منه مما قصرت ابصارنا عنه وکانت عقولنا دون وحالت الغیوب بیننا وبینه فمن قرع سنه واعمل فکره کیف أقمت عرشک وکیف ذرات خلقک وکیف علقت فی الهوى سمواتک وکیف مددت أرضک یرجع طرفه حاسرا وعقله مهورا
وسمعه والها وفکره متحیرا فکیف یطلب علم ما قبل ذلک من شانک إذا أنت وحدک فی الغیوب التی لم یکن فیها غیرک ولم یکن لها سواک لا أحد شهدک حین فطرت الخلق ولا أحد حضرک حین ذرأت النفوس فکیف لا یعظم شانک عند من عرفک وهو یرى من خلقک ما ترتاع به عقولهم ویملا قلوبهم من رعد تفزع له القلوب وبرق یخطف الابصار وملائکة خلقتهم وأسکنتهم سمواتک ولیست فیهم فترة ولا عندهم غفلة ولا بهم معصیة هو اعلم خلقک بک وأخوفهم لک وأقومهم بطاعتک لیس یغشاهم نوم العیون ولا سهو العقول لم یسکنوا الأصلاب ولم تضمنهم الأرحام أنشأتهم انشاء وأسکنتهم سمواتک وأکرمتهم بجوارک وائتمنتهم على وحیک وجنبتهم الآفات ووقیتهم السیئات وطهرتهم من الذنوب فلولا تقویتک لم یقولوا ولا تثبیتک لم یثبتوا ولولا رهبتک لم یطیعوا ولولاک لم یکونوا إما انهم على مکانتهم منک
ومنزلتهم عندک وطول طاعتهم إیاک لو یعاینون ما یخفى علیهم لا احتقروا أعمالهم ولعلموا انهم لم یعبدوک حق عبادتک فسبحانک خالقا معبودا ومحمودا ونحمدک بحسن بلاءک عند خلقک أنت خلقت ما دبرته مطعما ومشربا ثم أرسلت إلینا داعیا رسولا فلا الداعی أجبنا و لا فیما رغبتنا فیه رغبنا ولا إلى ما شوقتنا إلیه اشتقنا اقبلنا کلنا على جیفة نأکل منها ولا نشبع وقد زاد بعضنا على بعض حرصا لما یرى بعضنا من بعض فافتضحنا باکلها واصطلحنا على حبها فأعمت ابصار صالحینا وفقهائنا فهم ینظرون باعین غیر صحیحة ویسمعون باذان غیر سمیعة فحینما زالت زالوا معها وحیثما مالت اقبلوا إلیها وقد عاینوا المأخوذین على الغرة کیف فجأتهم الأمور ونزل بهم المحذور وجاءهم من فراق الأحبة ما کانوا یتوقعون وقدموا من الآخرة ما کانوا یوعدون فارقوا الدنیا وصاروا إلى القبور وعرفوا ما کانوا فیه من الغرور فاجتمعت علیهم حسرتان حسرة الفوت وحسرة
الموت فاغبرت لها وجوههم وتغیرت بها ألوانهم وعرقت بها جباههم وشخصت أبصارهم وبردت أطرافهم وحیل بینهم و بین المنطق وان أحدهم لبین أهله ینظر ببصره ویسمع باذنه ثم زاد الموت فی جسده حتى خالط بصره فذهبت من الدنیا معرفته وهلکت عند ذلک حجته وعاین هول أمر کان مغطى علیه فاحد لذلک بصره ثم زاد الموت فی جسده حتى بلغت نفسه الحلقوم ثم خرج من جسده فصار جسدا ملقى لا یجیب داعیا ولا یسمع باکیا فنزعوا ثیابه وخاتمه ثم وضأوه وضوء الصلاة ثم غسلوه و کفنوه ادراجا فی أکفانه وحنطوه ثم حملوه إلى قبره فدلوه فی حفرته وترکوه مخلى بمفظعات من الأمور وتحت مسألة منکر ونکیر مع ظلمة وضیق ووحشة قبر فذاک مثواه حتى یبلى جسده ویصیر ترابا حتى إذا بلغ الامر إلى مقداره والحق آخر الخلق بأوله وجاءه أمر من خالقه أراد به تجدید خلقه فامر بصوت من سماواته فمارت
السماوات مورا وفزع من فیها وبقى ملائکتها على ارجاءها ثم وصل الامر إلى الأرض والخلق رفات لا یشعرون فارج أرضهم وارجفها وزلزلها وقلع جبالها ونسفها وسیرها و رکب بعضها بعضا من هیبته وجلاله واخرج من فیها فجددهم بعد بلاءهم وجمعهم بعد تفریقهم یریدان یحصیهم ویمیزهم فریقا فی ثوابه وفریقا فی عقابه فخلدا الامر لأبده دائما خیره وشره ثم لم ینس الطاعة من المطیعین ولا المعصیة من العاصین فأراد عز وجل ان یجازى هؤلاء وینتقم من هؤلاء فأثاب أهل الطاعة بجواره وحلول داره وعیش رغد وخلود أبد ومجاورة الرب وموافقة محمد صلى الله علیه (وآله) وسلم حیث لاظعن ولا تغیر وحیث لا تصیبهم الأحزان ولا تعتر منهم الاخطار و لا تشخصهم الابصار واما أهل المعصیة فخلدهم فی النار وأوثق منهم الاقدام وغلت منهم الأیدی إلى الأعناق فی لهب قد اشتد
حره ونار مطبقة على أهلها لا یدخل علیهم بها روح همهم شدید وعذابهم یزید ولا مدة للدار تنقضى ولا أجل للقوم ینتهى اللهم إنی أسئلک بان لک الفضل والرحمة بیدک فأنت ولیهما لا یلیهما أحد غیرک وأسئلک باسمک المخزون المکنون الذی قام به عرشک وکرسیک وسماواتک وأرضک وبه ابتدأت خلقک الصلاة على محمد والنجاة من النار برحمتک آمین انک ولى کریم
أقول الأحلام العقول قوله وانحسرت دونه الابصار قال فی القاموس والبصر یحسر حسورا کل وانقطع من طول مدى قوله تکن الصدور الکن وقاء کل شئ وسره قوله أخذت بالنواصی والاقدام النواصی جمع الناصیة أی أنت مالک لها قادر علیها تصرفها على ما ترید بها والاخذ بالنواصی تمثیل قوله تعالى فیؤخذ بالنواصی والاقدام قیل أی یجمع بین ناصیته وقدمه بسلسلة من وراء ظهره وقیل یسحبون تارة بالنواصی وتارة بالاقدام لا یعزب عنک أی لا یغیب عنک أسبغ نعمتک أی أکمل قوله وعقله مبهورا البهر الغلبة والمبهور المغلوب ذرأت خلقک أی جعلت لهم من الذکور والإناث من الناس والانعام للتوالد والتناسل ومنه قوله ذرأت النفوس قوله المأخوذین على الغرة بالکسر بمعنى الخدعة فمارت السماوات مورا أی دارت دورا الرفات ما تناثر من کل شئ قوله لا تعتر المعتر هو الذی یعتریک أی یلم بک ولا یسئل