السماء والعالم ص 79 عن قصص الراوندی باسناده إلى الصدوق عن أبیه ومحمد بن الحسین الولید معا عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسین بن أبی الخطاب عن الحسن بن محبوب عن عمرو بن أبی المقدام عن جابر عن أبی جعفر علیه السلام قال سئل أمیر المؤمنین علیه السلام هل کان فی الأرض خلق من خلق الله تعالى یعبدون الله قبل آدم وذریته فقال علیه السلام
نعم قد کان فی السماوات والأرض خلق من خلق الله یقدسون الله ویسبحونه ویعظمونه باللیل والنهار لا یفترون فان الله عز وجل لما خلق الأرضین خلقها قبل السماوات ثم خلق الملائکة روحانیین لهم أجنحة یطیرون بها حیث یشاء الله فاسکنهم فیما بین اطباق السماوات یقدسونه اللیل والنهار واصطفى منهم إسرافیل ومیکائیل وجبرئیل ثم خلق عز وجل فی الأرض الجن روحانیین لهم أجنحة فخلقهم دون خلق الملائکة وخفظهم ان یبلغوا مبلغ الملائکة فی الطیران وغیر ذلک فاسکنهم فیما
بین اطباق الأرضین السبع وفوقهن یقدسون اللیل والنهار لا یفترون ثم خلق خلقا دونهم لهم أبدان وأرواح بغیر أجنحة یأکلون ویشربون نسناس أشباه خلقهم لیسوا بأنس واسکنهم أوساط الأرض على ظهر الأرض مع الجن یقدسون الله باللیل والنهار لا یفترون قال وکان الجن تطیر فی السماء فتلقى الملائکة فی السماوات فیسلمون علیهم ویزورونهم ویستریحون إلیهم ویتعلمون منهم الخبر ثم إن طائفة من الجن والنسناس الذین خلقهم الله واسکنهم أوساط الأرض مع الجن تمردوا وعتوا عن أمر الله فمرحوا وبغوا فی الأرض بغیر الحق وعلا بعضهم على بعض فی العتو على الله تعالى حتى سفکوا الدماء فیما بینهم وأظهروا الفساد وجحدوا ربوبیة الله تعالى قال وأقامت الطائفة المطیعون من الجن على رضوان الله وطاعته وباینوا الطائفتین من الجن والنسناس الذین عتوا عن أمر الله تعالى
قال فحط الله أجنحة الطائفة من الجن الذین عتوا عن أمر الله و تمردوا فکانوا لا یقدرون على الطیران إلى السماء والى ملاقاة الملائکة لما ارتکبوا من الذنوب والمعاصی قال وکانت الطائفة المطیعة لأمر الله من الجن تطیر إلى السماء اللیل والنهار على ما کانت علیه وکان إبلیس واسمه الحرث یظهر للملائکة انه من الطائفة المطیعة ثم خلق الله خلقا على خلاف خلق الملائکة وعلى خلاف خلق الجن وعلى خلاف خلق النسناس یدبون کما یدب الهوام فی الأرض یأکلون ویشربون کما تأکل الانعام من مراعى الأرض کلهم ذکران لیس فیهم إناث لم یجعل الله فیهم شهوة النساء ولا حب الأولاد ولا الحرص ولا طول الأمل ولا لذة عیش لا یلبسهم اللیل ولا یغشاهم النهار لیسوا ببهائم ولا هوام لباسهم ورق الشجر وشربهم من العیون الغزار والأودیة الکبار ثم أراد الله ان یفرقهم فرقتین فجعل فرقة خلف مطلع
الشمس من وراء البحر فکون لهم مدینة أنشأها تسمى جابرسا طولها اثنى عشر الف فرسخ فی اثنى عشر الف فرسخ وکون علیها سورا من حدید یقطع الأرض من السماء ثم أسکنهم فیها واسکن الفرقة الأخرى خلف مغرب الشمس من وراء البحر کون لهم مدینة أنشأها تسمى جابلقا طولها اثنى عشر الف فرسخ فی اثنى عشر الف فرسخ وکون لهم سورا من حدید یقطع إلى السماء فاسکن الفرقة الأخرى فیها لا یعلم أهل جابرسا بموضع أهل جابلقا ولا یعلم أهل جابلقا بموضع أهل جابرسا ولا یعلم بهم أهل أوساط الأرض من الجن والنسناس فکانت الشمس تطلع على أهل أوساط الأرضین من الجن والنسناس فینتفعون بحرها ویستضیئون بنورها ثم تغرب فی عین حمئة فلا یعلم بها أهل جابلقا إذا غربت ولا یعلم بها أهل جابرسا إذا طلعت لأنها تطلع من دون جابرسا وتغرب من دون جابلقا فقیل یا أمیر المؤمنین فکیف یبصرون ویحیون و
کیف یأکلون ویشربون ولیس تطلع الشمس علیهم فقال علیه السلام انهم یستضیئون بنور الله فهم فی أشد ضوء من نور الشمس ولا یرون ان الله تعالى خلق شمسا ولا قمرا ولا نجوما ولا کواکب ولا یعرفون شیئا غیره فقیل یا أمیر المؤمنین فأین إبلیس عنهم قال لا یعرفون إبلیس ولا سمعوا بذکره لا یعرفون الا الله وحده لا شریک له لم یکتسب أحد منهم قط خطیئة ولم یقترف اثما لا یسقمون ولا یهرمون ولا یموتون إلى یوم القیمة یعبدون الله ولا یفترون اللیل والنهار عندهم سواء وقال إن الله أحب ان یخلق خلقا وذلک بعد ما مضى للجن والنسناس سبعة آلاف سنة فلما کان من خلق (شأن) الله ان یخلق آدم للذی أراد من التدبیر والتقدیر فیما هو مکونه فی السماوات کشط عن اطباق السماوات ثم قال للملائکة انظروا إلى أهل الأرض من خلقی من الجن والنسناس هل ترضون أعمالهم وطاعتهم لی فلما اطلعت (فاطلعت) (فلما اطلعوا)
ورأوا ما یعملون فیها من المعاصی وسفک الدماء والفساد فی الأرض بغیر الحق أعظموا ذلک وغضبوا لله وأسفوا على أهل الأرض ولم یملکوا غضبهم وقالوا یا ربنا أنت العزیز الجبار القاهر العظیم الشأن وهؤلاء کلهم خلقک الضعیف الذلیل وفى أرضک کلهم یتقلبون فی قبضتک ویعیشون برزقک ویتمتعون بعافیتک وهو یعصونک بمثل هذه الذنوب العظام لا تغضب ولا تنتقم منهم لنفسک بما تسمع منهم وترى وقد عظم ذلک علینا وأکبرناه فیک قال فلما سمع الله تعالى مقالة الملائکة قال انى جاعل فی الأرض خلیفة فیکون حجتی على خلقی فی ارضى فقالت الملائکة سبحانک أتجعل فیها من یفسد فیها ویسفک الدماء ونحن نسبح بحمدک ونقدس لک فقال الله تعالى یا ملائکتی انى اعلم ما لا تعلمون انى أخلق خلقا بیدی واجعل من ذریته أنبیاء ومرسلین و عبادا صالحین وأئمة مهتدین واجعلهم خلفائی على خلقی
فی ارضى ینهونهم عن معصیتی وینذرونهم من عذابی و یهدونهم إلى طاعتی ویسلکون بهم طریق سبیلی اجعلهم حجتی عذرا أو نذار وانفى الشیاطین من ارضى وأطهرها منهم فاسکنهم فی الهواء وأقطار الأرض وفى الفیافی فلا یراهم خلقی ولا یرون شخصهم ولا یجالسونهم ولا یخالطونهم ولا یواکلونهم ولا یشاربونهم وانفر مردة الجن العصاة من نسل بریتی وخلقى و خیرتی فلا یجاورون خلقی واجعل بین خلقی وبین الجان حجابا فلا یرى خلقی شخص الجن ولا یجالسونهم ولا یشاربونهم ولا یتهجمون تهجمهم ومن عصانی من نسل خلقی الذی عظمته واصطفیته لغیبی أسکنهم مساکن العصاة واوردهم موردهم ولا أبالی فقالت الملائکة لا علم لنا الا ما علمتنا انک أنت العلیم الحکیم فقال للملائکة انى خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون فإذا سویته ونفخت فیه من روحی فقعوا له ساجدین قال وکان ذلک من الله تقدمة
للملائکة قبل ان یخلقه احتجاجا منه علیهم وما کان الله لیغیر ما بقوم الا بعد الحجة عذرا أو نذرا فامر تبارک وتعالى ملکا من الملائکة فاغترف غرفة بیمینه فصلصلها فی کفه فجمدت فقال الله عز وجل منک أخلق
أقول ولقد نقل علی بن إبراهیم القمی أعلى الله مقامه تمام الکلام فی تفسیره مثله وزاد بعد قوله علیه السلام فصلصلها فی کفه فجمدت
فقال لها منک أخلق النبیین والمرسلین وعبادی الصالحین والأئمة المهتدین والدعاة إلى الجنة واتباعهم إلى یوم القیمة ولا أبالی ولا اسئل عما افعل وهم یسئلون ثم اغترف غرفة أخرى من الماء المالح الأجاج فصلصلها فی کفه فجمدت ثم قال لها منک أخلق الجبارین والفراعنة والعتاة واخوان الشیاطین والدعاة إلى النار إلى یوم القیمة وأشیاعهم والا أبالی ولا اسئل عما افعل و هم یسئلون قال وشرط فی ذلک البداء فیهم ولم یشترط فی أصحاب الیمین البداء ثم اخلط المائین جمیعا فی کفه فصلصلهما ثم کفاهما قدام عرشه وهما سلالة من طین ثم أمر الله الملائکة
الأربعة الشمال والجنوب والصبا والدبور ان یجولوا على هذه السلالة الطین فابدأوها وأنشأوها ثم أبروها وجزوها و فصلوها واجروا فیها الطبایع الأربعة الریح والدم والمرة و البلغم فجالت الملائکة علیها وهی الشمال والجنوب والصبا والدبور واجروا فیها الطبایع الأربعة الریح فی الطبایع الأربعة من البدن من ناحیة الشمال والبلغم فی الطبایع الأربعة من ناحیة الصبا والمرة فی الطبایع الأربعة من ناحیة الدبور والدم فی الطبایع الأربعة من ناحیة الجنوب قال فاستقلت النسمة و کمل البدن فلزمه من ناحیة الریح حب النساء وطول الأمل و الحرص ولزمه من ناحیة البلغم حب الطعام والشراب والبر و الحلم والرفق ولزمه من ناحیة المرة الغضب والسفه والشیطنة والتجبر والتمرد والعجلة ولزمه من ناحیة الدم حب النساء واللذات ورکوب المحارم والشهوات
أقول قوله علیه السلام أشباح خلقهم أی بالانس أو بعضهم ببعض أو بالإضافة أی أشباح خلق الجن فمرحوا بالحاء المهملة یقال مرح کفرح أی أشر وبطر واختال ونشط وتبختر أو بالجیم أیضا کفرح بالتحریک الفساد والقلق والاختلاط والاضطراب لا یلبسهم اللیل لعل المعنى انهم لم یکونوا یحتاجون فی اللیل إلى ستر وفى النهار إلى غشاء وسترا وانهم لما لم تطلع علیهم الشمس لا لیل عندهم ولا نهار ویظهر من هذا الخبران جابلقا وجابرسا خارجان من هذا العالم خلف السماء الرابعة بل السابعة على المشهور وأهلها صنفا من الملائکة أو شبیههم قوله لما هو مکونة فی صدر الخبر متعلق بالتقدیر والتکوین أو التدبیر على التنازع وعلمه معطوف على الذی أو على شأن الله أو علمه بصیغة الماضی عطفا على هو مکونه ولما أراد بالتشدید تأکیدا لقوله لما أحب لبعد العهد بین الشرط والجزاء قوله کشط قال الجوهری کشطت الجل عن ظهر الغرس والغطاء على الشئ إذا کشفته عنه قوله أسفوا أی غضبوا وزنا ومغى ان قالوا أی إلى أن قالوا أبین النسناس أی أخرجهم وفى بعض النسخ ابیر بالراء أی أهلک وفى التفسیر أبید بمعناه والمردة جمع المارد أی العاتی الصلصال الطین الحر إذا خلط بالرمل فصار یتصلصل إذا جف والحمأ الطین الأسود والمسنون المتغیر المنتن والثلاثة بالضم الجماعة من الناس وسلالة الشئ ما استل منه و ان یجولوا من الجولان وفى التفسیران یحولوا بالمهملة وابرؤوها من البرئ بمعنى النحت أو بالهمزة أی جعلوها مستعدة لان أبرأها وانشأها مجازا والبر التراب ویمکن ان یکون من التابر ولقد روى الصدوق ره هذا الخبر أیضا فی العلل عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عیسى عن الحسن بن محبوب عن عمرو بن أبی المقدام عن جابر عن أبی عبد الله عن أمیر المؤمنین علیهما السلام