کتاب التهذیب لشیخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسی رفع الله فی الخلد مقامه وهو إحدى الکتب الأربعة التی علیها المدار فی کتاب الصلاة منه فی باب صلاة الاستسقاء قال روى أن أمیر المؤمنین علیه السلام خطب بهذه الخطبة فی صلاة الاستسقاء فقال (صلوات الله وسلامه علیه الحمد لله سابغ النعم ومفرج الهمم وبارئ النسم الذی جعل السماوات لکرسیه عمادا والجبال أوتادا والأرض للعباد مهادا وملائکته على ارجاءها وحملة عرشه على امطائها
وأقام بعزته أرکان العرش وأشرق بضوئه شعاع الشمس واطفاء بشعاعه ظلمة الغطش وفجر الأرض عیوبا والقمر نورا والنجوم بهورا ثم تجلى فتمکن وخلق فاتقن وأقام فتهیمن فخضعت له نخوة المستکبر و طلبت إلیه خلة المتمکن (المتمسکن) اللهم فبدرجتک الرفیعة ومحلتک المنیعة وفضلک البالغ وسبیلک الواسع أسئلک ان تصلى على محمد وآل محمد کما دان لک ودعا إلى عبادتک ووفى بعهودک وانفذ احکامک و اتبع اعلامک عبدک ونبیک وأمینک على عهدک إلى عبادک القائم باحکامک ومرید من أطاعک وقاطع عذر من عصاک اللهم فاجعل محمدا اجزل من جعلت له نصیبا من رحمتک وانضر من أشرق وجهه بسجال عطیتک وأقرب الأنبیاء زلفة یوم القیمة عندک وأوفرهم حظا من رضوانک وأکثرهم صفوف أمة فی جنانک کما لم یسجد للأحجار ولم یعتکف للأشجار ولم یستحل السباء ولم یشرب الدماء اللهم خرجنا إلیک حین فاجئتنا المضایق الوعرة وألجأتنا المحابس العسرة وعضتنا علائق الشین وتأثلت
علینا لواحق المین واعتکرت علینا حدابیر السنین وأخلفتنا مخایل الجود واستظمانا لصوارخ القود (العود) فکنت رجاء المتابس والثقة للملتمس ندعوک حین قنط الأنام ومنع الغمام وهلک السوام یا حی یا قیوم عدد الشجر والنجوم والملائکة الصفوف والعنان المکفوف (المعکوف) ان لا تردنا خائبین ولا تؤاخذنا بأعمالنا ولا تحاصنا (ولا تخاصمنا) بذنوبنا وانشر علینا رحمتک بالسحاب المتأق و النبات المونق وامنن علینا بتنویع الثمرة واخى بلادک ببلوغ الزهرة واشهد ملائکتک الکرام السفرة سقیا منک نافعة دائمة غزرها (وفى نسخة مرویة هنیئة مریة عامة طیبة مبارکة مریعة) واسعا درها سحابا وابلا سریعا عاجلا تحیى بها ما قد مات وتخرج به ما هو آت اللهم اسقینا غشیا مغیثا ممرعا طبقا مجلجلا متتابعا خفوفه منبجسته بروقه مرتجسته هموعه وسیبه مستدر وصوبه مستبطر ولا تجعل ظله علینا سموما وبرده علینا حسوما وضوئه علینا رجوما
ومائه أجاجا وبناته رمادا ومدادا اللهم انا نعوذ بک من الشرک وهوادیه والظلم ودواهیه والفقر ودواعیه یا معطى الخیرات من أماکنها ومرسل البرکات من معادنها منک الغیث المغیث وأنت الغیاث المستغاث ونحن الخاطئون من أهل الذنوب وأنت المستغفر الغفار نستغفرک للجهالات من ذنوبنا ونتوب إلیک من عوام خطایانا اللهم فأرسل علینا دیمة مدرارا و اسقینا الغیث واکفا مغزارا غیثا واسعا وبرکة من الوابل نافعة یدافع الودق بالودق دفاعا ویتلوا القطر منه القطر غیر خلب برقه ولا مکذب وعده ولا عاصفة جنائبه بل ریا یغض بالری ربابه وفاض فانساع به سحابه وجرى آثار هیدبه جنابه سقیا منک محییة مرویة محفلة متصلة زاکیا نبتها نامیا زرعها ناضرا عودها ممرعة آثارها جاریة بالخصب والخیر على أهلها تنعش بها الضعیف من عبادک وتحیى بها المیت من بلادک وتنعم بها المبسوط من رزقک وتخرج
بها المخزون من رحمتک وتعم بها من نأى من خلقک حتى یخصب لامراعها المجدبون ویحیى ببرکتها المسنتون وتترع بالقیعان غدرانها وتورع ذرى الأکمام رجوانها وید هام بذرى الآکام شجرها وتستحق علینا بعد الیاس شکرا منه من مننک مجللة ونعمة من نعمک متصلة على بریتک المرملة وبلادک المعزبة وبهائمک المعملة ووحشک المهملة اللهم منک ارتجاءنا والیک مأبنا فلا تحبسه عنا لتبطنک سرائرنا ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا فإنک تنزل الغیث من بعد ما قنطوا وتنشر رحمتک وأنت الولی الحمید – ثم بکى علیه السلام وقال سیدی ساخت جبالنا واغبرت ارضنا وهامت دوابنا وقنط ناس منا وتاهت البهائم وتحیرت فی مراتعها وعجت عجیج الثکلى على أولادها وملت الدوران فی مراتعها حین حبست عنها قطر السماء فدق لذلک عظمها وذهب لحمها وذاب شحمها وانقطع درها اللهم ارحم انین الانة وحنین الحانة ارحم تحیرها فی مراتعها وأنینها فی مرابضها یا کریم
أقول الارجاء جمع الرجا وهو الناحیة الامطاء جمع المطا وهو الظهر الغطش اللیل المظلم شدید الظلمة قوله والنجوم بهورا البهرة الإضائة قوله فتهیمن أی صار رقیبا وحافظا الخلة الحاجة والفقر والخصاصة النضرة النعمة والعیش والسرور والغنى السجال العطاء السباء بالکسر والمد الخمر الوعرة أی الصعبة وعضتنا علائق الشین أی ألزمتنا السنة الصعبة علائق الذل والمعایب تأثلت علینا أی عظمت واعتکرت علینا أی واختلطت وتکثرت وقامت بعضها على بعض الحدابیر جمع حدبار بالکسر وهی الناقة الضامرة التی بدء عظم ظهرها من الهزال فشبة السنین القحط والجدب بها مخائل الجود أی سحائب المطر القود الخیل السوام الحیوانات الراعیة الشجر والنجوم المراد من النجوم هنا النبات کما قال الله تع النجم والشجر یسجدان أراد بالنجم النبات والعنان المکفوف أی السحاب الممنوع من المطر ولا تحاصنا أی ولا تضیق علینا وفى نسخة المصباح للکفعمی ولا تخاصمنا السحاب المتأق أی الممتلى ویحتمل ان یکون من باب الافعال أی یملأ الحیاض والحبات المونق المعجب الزهرة والزهرة النبات ونوره واسعا درها أی سیلها در العمرق أی سال الوابل المطر الشدید ممرعا أی خصیبا واسعا طبقا أی مطرا عاما مجلجلا أی شدید الصوت خفوفة منجسته الخفوف صوت الرعد منجبة أی منفجرة وهموعه مرتحبه أی جریانه وسیلانه شدیدة وسیبه مستدر أی عطائه جار کثیر السیلان والقع وصوبه مستبطر الصوب نزول المطر والمستبطر الشدید الحسوم بالضم الشوم الرجوم هنا بمعنى العذاب هوادى الشرک مقدماته من أماثلها أی من أفاضلها الدیمة المطر الذی بلا رعد وبرق واکفا مغزارا أی سائلا کثیرا الودق بالودق أی یدافع بعضها بعضا فی الکثرة الخلب بضم الخاء وتشدید اللام المفتوحة الذی لا غیث فیه کأنه خادع عاصفة جنابیة أی هبت بها الریاح الجنوبیة فإنها تکسر السحاب وتمنع عن المدرار وتلحق روادفه بخلاف الشمالیة فإنها تمزقه ریا یعض بالری ربابه الری بالکسر من روى بالماء یروى ریا وجمعه رواء ککتاب فی المذکر والمؤنث والرباب النبت الهیدب السحاب وقاض فانصاع به سحابه أی تفرق فی أمکنة متفرقة متعددة لیعم نفعه محفلة أی مجتمعة تنعش الضعیف أی تقویة وتقیمه المسنتون أی الذین أصابهم شدة السنة استنت القوم أی اجدبوا القیعان جمع القیعة وهی جمع القاع وهو المستوى من الأرض الآکام التلال الصغار لتبطنک سرائرنا کنایة عن انک تعلم سرائرنا وشدة ما نزل بنا من القحط والسنین والجدب وحبس المطر.