عقد الفرید ج 2 ص 165 قال وهذه خطبة الغراء خطبها رضی الله عنه (علیه السلام) الحمد لله الاحد الصمد الواحد المنفرد الذی لا من شئ کان ولا من شئ خلق الا وهو خاضع له قدرة بان بها من الأشیاء وبانت الأشیاء منه فلیست له صفة تنال ولا حد یضرب فیه الأمثال کل دون صفته تحبیر اللغات وضلت هناک تصاریف الصفات وحارت دون ملکوته مذاهب التفکیر
وانقطعت دون علمه جوامع التفسیر وحالت دون غیبه حجب تاهت فی أدنى دنوها طامحات العقول فتبارک الله الذی لا یبلغه بعد الهمم ولا یناله غوص الفتن وتعالى الذی لیس له نعت موجود ولا وقت محدود وسبحان الذی لیس له أول مبتدأ ولا غایة منتهى ولا آخر یفنى وهو سبحانه کما وصف نفسه و الواصفون لا یبلغون نعته أحاط بالأشیاء کلها علمه وأتقنها صنعه وذللها امره وأحصاها حفظه فلا یعزب عنه غیوب الهوى ولا مکنون ظلم الدجى ولا ما فی السماوات العلى إلى الأرض السابعة السفلى فهو لکل شئ منها حافظ ورقیب أحاط بها الاحد الصمد الذی لم تغیر صروف الأزمان ولا یتکاده صنع شئ منها کان قال لما شاء ان یکون کن فکان ابتدء ما خلق بلا مثال سبق ولا تغب و لا نصب (فی توحید الصدوق ره وکل صانع شئ فمن شئ صنع والله لا من شئ صنع ما خلق) وکل عالم من (فمن) بعد جهل تعلم والله لم
یجهل ولم یتعلم أحاط بالأشیاء کلها علما ولم یزدد بتجربتها خبرا علمه بها قبل کونها (ان یکونها) کعلمه بها بعد تکوینها لم یکونا لتسدید (لشدة) سلطان ولا خوف من زوال ولا نقصان ولا استعانة على ضد مناوئ (ولا لسعایة على ضد مساور) ولا ند مکاثر (ولا شریک مکائد) ولکن خلائق مربوبون وعباد آخرون فسبحان الذی لم یؤده (خلق ما ابتدء ولا تدبیر ما برء (اکتفى علم ما خلق وخلق ما علم لا بالتفکیر ولا بعلم حادث اضاب ما خلق) خلق ما علم وعلم ما أراد ولا یتفکر على حادث أصاب ولا شبهة دخلت علیه فیما أراد (لم یخلق) لکن قضاء متقن وعلم محکم وامر مبرم توحد فیه بالربوبیة وخص نفسه بالوحدانیة فلیس العز والکبریاء واستخلص المجد والسناء واستکمل الحمد والثناء فانفرد بالتوحید وتوحد بالتمجید فجل سبحانه وتعالى عن الأبناء (فتحمد بالتمجید وعلا عن اتخاذ الأبناء) وتطهر وتقدس عن
ملامسه النساء (وعز وجل عن مجاورة الشرکاء) فلیس له فیما خلق ند ولا فیما ملک ضد (ولم یشرک فی ملکه أحد الواحد الاحد الصمد المبید للأبد) هو الله الواحد الاحد الصمد الوارث للأبد الذی لا یبید ولا ینفد ملک السماوات العلى والأرضین السفلى ثم دنى فعلا وعلا فدنى له المثل الاعلى والأسماء الحسنى والحمد لله رب العالمین ثم إن الله تبارک وتعالى سبحانه وبحمده خلق الخلق بعلمه ثم اختار منهم صفوته واختار من کل خیار صفوته امناء وحیه وخزنة له على امره إلیهم ینتهى رسله وعلیهم ینزل وحیه جعلهم أصفیاء مصطفین أنبیاء مهذبین نجباء استودعهم وأقرهم فی خیر مستقر تناسختهم أکارم الأصلاب إلى مطهرات الأمهات کلما مضى منهم سلف انبعث لامرة منهم خلف حتى انتهت نبوة الله وأفضت کرامته إلى محمد صلى الله علیه (وآله) وسلم فأخرجه من أفضل المعادن محتدا وأکرم
المغارس منبتا وامنعها ذروة وأعزها أرومة واوصلها مکرمة من الشجرة التی صاغ منها امناء وانتخب منها أنبیاء شجرة طیبة العود معتدلة العمود باسقة الفروع مخضرة الأصول و الغصون یانعة الثمار کریمة المجتبى فی کرم نبتت وفیه بسقت وأثمرت وغرت فامتتعت حتى أکرمه الله بالروح الأمین والنور المبین فختم به النبیین وأتم به عدة المرسلین خلیفته على عباده وأمینه فی بلاده زینه بالتقوى وآثار الذکرى وهو امام من اتقى ونصر من اهتدى سراج لمع ضوئه وزند برق لمعه وشهاب سطع نوره فاستضاءت به العباد واستنارت به البلاد وطوى به الأحساب فازجى به السحاب وسخر له البراق حتى صافحته الملائکة وأذعنت له الألسنة وهدم به أصنام الألهة سیرته القصد وسنته الرشد وکلامه فصل وحکمه عدل فصدع صلى الله علیه (وآله) وسلم بما امره به حتى أفصح بالتوحید دعوته وأظهر
فی خلقه لا إله إلا الله حتى أذعن له بالربوبیة وأقر له بالعبودیة والوحدانیة اللهم فخص محمدا بالذکر المحمود والحوض المورود اللهم آت محمدا الوسیلة والرفعة والفضیلة واجعل فی المصطفین محلته وفى الأعلین درجته وشرف بنیانه و عظم برهانه واسقنا بکأسه وأوردنا حوضه واحشرنا فی زمرته غیر خزایا ولا ناکثین ولا شاکین ولا مرتابین ولا ضالین ولا مفتونین ولا مبدلین ولا حائدین ولا مضلین اللهم اعط محمدا من کل کرامة أفضلها ومن کل نعیم اکمله و من کل عطاء اجز له ومن کل قسم أتمه حتى لا یکون أحد من خلقک أقرب منک مکانا ولا أخطى عندک منزلة ولا أقرب إلیک وسیلة ولا أعظم علیک حقا ولا شفاعة من محمد واجمع بیننا وبینه فی ظل العیش وبرد الروح وقرة الأعین ونضرة السرور وبهجة النعیم فانا نشهد انه قد بلغ الرسالة وادى الأمانة والنصیحة
واجتهد للأمة وجاهد فی سبیلک وأوذی فی جنبک ولم یخف لومة لائم فی دینک وعبدک حتى اتاه الیقین امام المتقین وسید المرسلین وتمام النبیین وخاتم المرسلین ورسول رب العالمین اللهم رب البیت الحرام ورب البلد الحرام ورب الرکن والمقام ورب المشعر الحرام بلغ محمدا منا السلام اللهم صلى على ملائکتک المقربین وعلى أنبیاء المرسلین وعلى الحفظة الکرام الکاتبین وصلى الله على أهل السماوات و الأرضین من المؤمنین.
