ذکر هذه الخطبة الشریف الرضی رضی الله عنه وارضاه فی النهج بنوع من الاختلاف مع ما نقلها سلیم بن قیس فی کتابه من حیث الزیادة والنقصان فلذا رأیت نقلها فی کتابی هذا لیکون الطالب على بصیرة وکأنها هی غیر ما نقلها الرضی بحیث لا یخفى على الناظر فیهما أقول فی کتاب سلیم ص 156 رواها ابان عن سلیم بن قیس قال صعد أمیر المؤمنین علیه السلام المنبر فحمد الله وأثنى علیه وقال
أیها الناس انا الذی فقأت عین الفتنة ولم یکن لیجترأ علیها غیری وأیم الله لو لم أکن فیکم لما قوتل أهل الجمل ولا أهل صفین ولا أهل النهروان وأیم الله لولا أن تتکلموا وتدعوا العمل لحدثتکم بما قضى الله على لسان نبیه صلى الله علیه و آله وسلم لمن قاتلهم مستبصرا فی ضلالتهم عارفا بالهدى الذی نحن علیه ثم قال علیه السلام سلونی عما شئتم قبل ان تفقدونی فوالله انى بطرق السماء اعلم بطرق الأرض انا یعسوب المؤمنین وأول المسلمین وامام المتقین وخاتم الوصیین
ووارث النبیین وخلیفة رب العالمین انا دیان الناس یوم القیمة وقسیم الله بین أهل الجنة والنار وانا الصدیق الأکبر والفاروق الذی أفرق بین الحق والباطل وان عندی علم المنایا والبلایا وفصل الخطاب وما من آیة نزلت الا وقد علمت فیما نزلت أیها الناس انه وشیک ان تفقدونی انى مفارقکم وانى میت أو مقتول ما ینتظر أشقهاها ان یخضبها من فوقها (وفى روایة أخرى ما ینتظر أشقاها ان یخضب هذه من دم هذا) یعنى لحیته من دم رأسه والذی فلق الحبة وبرء النسمة (وفى روایة أخرى والذی نفسی بیده) لا تسئلونی عن فئة تبلغ ثلاثمأة فما فوقها مما بینکم وبین قیام الساعة الا نبأتکم بسائقها وقائدها وناعقها و بخراب العرصات متى تخرب ومتى تعمر بعد خرابها إلى یوم القیمة فقام رجل فقال یا أمیر المؤمنین أخبرنا عن البلاد یا فقال إذا سئل سائل فلیعقل وإذا سئل مسؤول فلیلبث ان من ورائکم أمورا ملتجة مجلجلة
وبلاء مکلحا مبلحا والذی فلق الحبة وبرئ النسمة لو قد فقدتمونی ونزلت غرائم الأمور وحقائق البلاء لقد أطرق کثیر من السائلین واشتغل کثیر من المسؤولین (وفى نسخة أخرى وفشل کثیر من المسؤولین وذلک إذا ظهرت حربکم ونصلت عن ناب وقامت على ساق و صارت الدنیا بلاء علیکم حتى یفتح الله لبقیة الأبرار فقام رجل و قال یا أمیر المؤمنین حدثنا عن الفتن فقال علیه السلام ان الفتن إذا أقبلت شبهت (وفى نسخة أخرى اشبهت) وإذا أدبرت أسفرت وان الفتن لها موج کموج البحر واعصار کاعصار الریح تصیب بلدا وتخطئ الاخر فانظروا أقواما کانت أصحاب الرایات یوم بدر فانصروهم تنصروا وتؤجروا وتعذروا الا ان أخوف الفتن علیکم من بعدی فتنة بنى أمیة انها فتنة عمیاء صماء مطبقة مظلمة عمت فتنتها و خصت بلیتها أصاب البلاء من أبصر فیها وأخطأ البلاء من عمى عنها أهل باطلها ظاهرون على أهل حقها یملؤون الأرض بدعا
وظلما وجورا وأول من یضع جبروتها ویکسر عمودها وینزع أوتادها الله رب العالمین وقاصم الجبارین الا انکم ستجدون بنى أمیة أرباب سوء بعدی کالناب الضروس تعض بفیها و تخبط بیدیها وتضرب برجلیها وتمنع درها وأیم الله لا تزال فتنتهم حتى لا تکون نصرة أحدکم لنفسه الا کنصرة العبد لنفسه من سیده إذا غاب سبه وإذا حضر اطاعه (وفى روایة أخرى یسبه فی نفسه) (وفى روایة وأیم الله لو شردوکم تحت کل کوکب لجمعکم الله لشر یوم لهم) فقال الرجل فهل من جماعة یا أمیر المؤمنین بعد ذلک قال إنها ستکون جماعة شتى عطاءکم وحجکم واسفارکم والقلوب مختلفة قال قال واحد کیف تختلف القلوب قال هکذا وشبک بین أصابعه ثم قال یقتل هذا هذا وهذا هذا هرجا ومرجا ویبقى طغام جاهلیة لیس فیها منار هدى ولا علم یرى نحن أهل البیت منها بمنجاة ولسنا فیها بدعاة قال فما اصنع فی ذلک یا أمیر المؤمنین قال انظروا أهل بیت نبیکم فان
لبدوا وان استنصروکم فانصروهم تنصروا وتعذروا فإنهم لن یخرجوکم من هدى ولن یدعوکم إلى ردئ ولا تسبقوهم بالتقدم فیصرعکم البلاء وتشمت بکم الأعداء قال فما یکون بعد ذلک یا أمیر المؤمنین قال یفرج الله برجل من أهل بیتی کانفراج الأدیم من بیته ثم یرفعون إلى من یسومهم خسفا ویسقیهم بکأس مصبرة ولا یعطیهم ولا یقبل منهم الا السیف هرجا مرجا یحمل السیف على عاتقه ثمانیة أشهر حتى قریش کذا رأیت فی النسخة بالدنیا وما فیها ان یرونی مقام واحد فأعطیهم واخذ منهم بعض ما قد منعونی واقبل منهم بعض ما یرد علیهم حتى یقولوا ما هذا من قریش لو کان هذا من قریش ومن ولد فاطمة لرحمنا یغر به الله ببنى أمیة فیجعلهم تحت قدمیه ویطحنهم طحن الرحى ملعونین أینما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتیلا سنة الله فی الذین خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبدیلا إما بعد فإنه لابد من رحى تطحن ضلالة فإذا طحنت قامت على قطبها الا وان لطحنها روقا وان روقها حدها وعلى الله
فلها الا وانى وابرار عترتی وأطائب أرومتی أحلم الناس صغارا واعلمهم کبارا معنا رایة الحق والهدى من سبقها مرق و من خذلها محق ومن لزمها لحق (وفى روایة أخرى ومن لزمها سبق) انا أهل بیت من علم الله علمنا ومن حکم الله الصادق قبلنا ومن قول الصادق سمعنا فان تتبعونا تهتدوا ببصائرنا وان تتولوا عنا یعذبکم الله بأیدینا أو بما شاء نحن أفق الاسلام بنا یلحق المبطئ والینا یرجع التائب والله لولا أن تستعجلوا ویتأخر الحق لنباتکم بما یکون فی شباب العرب والموالی فلا تسئلوا أهل بیت محمد العلم قبل إبانة ولا تسألوهم المال على العسر فتبخلوهم فإنه لیس منهم البخل وکونوا احلاس البیوت ولا تکونوا عجلا بذرا کونوا من أهل الحق تعرفوا به وتتعارفوا علیه فان الله خلق الخلق بقدرته وجعل بینهم الفضائل بعلمه وجعل منهم عبادا اختارهم لنفسه لیحتج بهم على خلقه فجعل علامة من أکرم منهم طاعته وعلامة من أهان
منهم معصیته وجعل ثواب أهل طاعته النضرة فی وجهه فی دار الامن والخلد الذی لا یروع أهله وجعل عقوبة أهل معصیته نارا تأجج لغضبه وما ظلمهم الله ولکن کانوا أنفسهم یظلمون یا أیها الناس انا أهل بیت بنا میز الله الکذب وبنا یفرج الله الزمان الکلب وبنا ینزع الله ربق الذل من أعناقکم وبنا یفتح الله وبنا یختم الله فاعتبروا بنا وبعدونا وبهدانا وبهداهم وبسیرتنا وسیرتهم ومیتتنا ومیتتهم یموتون بالداء والقرح والدبیلة ونموت بالبطن والقتل والشهادة ثم التفت إلى بنیه فقال یا نبی لیبر کبارکم کبارکم ولیرحم کبارکم صغارکم ولا تکونوا أمثال السفهاء الجفاة الجهال الذین لا یعطون فی الله الیقین کقیض بیض فی اداح الاویح للفراخ فراخ آل محمد من خلیفة مستخلف عتریف مترف یقتل خلفی وخلف الخلف بعدی إما والله لقد علمت تبلیغ الرسالات وتنجیز العداة وتمام الکلمات و فتحت لی الأسباب واجرى لی السحاب ونظرت فی ملکوت لم یغرب
عنى شئ فات ولم یفتنی ما سبقنی ولم یشرکنی أحد فیما اشهدنى ربى یوم یقوم الاشهاد وبی یتم الله موعده ویکمل کلماته و انا النعمة التی انعمها الله على خلقه وانا الاسلام الذی ارتضاه لنفسه کل ذلک من الله به على وأذل به منکبی ولیس امام الا و هو عارف أهل ولایته وذلک قول الله عز وجل انما أنت منذر و لکل قوم هاد
ثم نزل صلى الله علیه وآله الطاهرین الأخیار وسلم تسلیما کثیرا قوله فقأت عین الفتنة یقال فقأت العین ان شققتها أو قلعتها یشحمها أو أدخلت الإصبع فیها وفقأ عین الفتنة أو کسر ثورانها وحذف المضاف أی عین أهلها بعید قوله ولم یکن لیجترأ علیها غیری عدم اجتراء غیره علیه السلام على اطفاء تلک الفتنة لان الناس کانوا یهابون قتال أهل القبلة ویقولون کیف نقاتل من یؤذن کأذاننا ویصلى بصلاتنا قوله أمورا ملتجة أی مختلطة من التجت الأصوات أی اختلطت ولحجب السفینة أی خاضت اللجة والتج البحر التجاجا وفى بعض النسخ بالباء الموحدة من قولهم لبجت به الأرض إذا جلدت به وقوله مجلجلة الحلجل واحد الجلاجل وصوته الجلجلة وصوت الرعد أیضا والمجلجل السحاب الذی فیه صوت الرعد و جلجلت الشئ إذا حرکته بیدک وتجلجل أی ساخ فیها وتجلجلت قواعد البیت أی تضعضعت قوله علیه السلام مکلحا کلح کمنع وتکلح وأکلح وأکلحته ودهر کالح شدید وقوله مبلحا یقال بلح الرجل ملوحا إذا أعیى والماء ذهب والبلوح البئر الذاهبة الماء وبلحت خفارته إذا لم تف والبالح الأرض التی لا تنبت شیئا وقوله نصلت أی خرجت کاشفا عن ناب ونصل الحافر أی خرجت عن موضعه وفى بعض النسخ قلصت بالتخفیف أو التشدید یقال قلص الشئ إذا ارتفع وقلص وقلص وتقلص کله بمعنى انضم وانزوى یقال قلصت شفته أی انزوت قوله هرجا هرجا یقال هرج الناس یهرجون أی وقعوا فی فتنة واختلاف واختلاط وقتل وقوله وان لطحنها روقا أی حسنا واعجابا وازروق أی إذا صار بحیث أعجبت الناس وقوله حدها أی نهایتها ووقت انقضائها وقوله وعلى الله فلها أی کسرها الأرومة کالأکولة بفتح الهمزة وقد تضم بمعنى الأصل والبذر بضمتین
جمع البذور وهو الذی یزیع الاسرار والنضرة الحسن والرونق وقوله لا یروع أهله أی لا یفزع ولا یخاف وفى بعض النسخ بالغین المعجمة أی لا یحید ولا یمیل أهلها عنها والدبیلة خراج ودمل کبیر تظهر فی الجوف فتقتل صاحبها غالبا قوله کقیض بیض فی اداح القیض قشر البیض الاداح أصله الاداحى جمع الادحى و هو الموضع الذی تبیض فیه النمامة وتفرخ وهوا فعول من دحوت لأنها تدحوه برجلها أی تبسطه ثم تبیض فیه قوله الاویح الویح کلمة رحمة کما أن الویل کلمة عذاب وقیل هما بمعنى واحد والخف القرن بعد القرن وما جاء من بعد وبمعنى ما استخلف قوله عتریف أو عتروف أی خبیث المترف الطاغی من کثرة النعمة یقال أترفته النعمة أی أطغته وأذل به منکبی لعله کنایة من کثرة الحمل وثقله أو المعنى ان مع تلک الفضائل رفع التکبر والترفع عنى أقول قد نقل العلامة المجلسی ره فی المجلد الثامن من البحار ص 724 هذه الخطبة أیضا من کتاب سلیم بتمامها وعن کتاب الغارات لإبراهیم بن محمد الثقفی عن إسماعیل بن ابان عن عبد الغفار بن القسم عن المنهال بن عمرو عن زرین بن جیش قال سمعت أمیر المؤمنین علیه السلام یخطب وقال إبراهیم واخبرنى أحمد بن عمران بن محمد بن أبی لیلى عن أبیه عن ابن أبی لیلى عن المنهال عن رزین بن جیش قال خطب علی علیه السلام بالنهروان وساق الحدیث نحو حدیث سلیم إلى قوله ولن تجد لسنة الله تبدیلا انتهى کلامه وإبراهیم بن محمد الثقفی هذا کان وفاته سنة ثلاث وثمانین ومأتین من الهجرة وقد روى عنه الأجلة من العلماء الأفاخم والمحدثین الأعاظم وکان ثقة جلیلا وفى التشیع والدیانة متصلبا رفع الله فی الخلد مقامه