قال العلامة المجلسی أعلى الله فی الخلد مقامه فی الجزء الثامن عشر من بحار الأنوار ص 873 فی باب أدعیة عید الأضحى حاکیا عن المتهجد أنه قال روى أبو مخنف عن جندب بن عبد الله الأزدی عن أبیه ان علیا علیه السلام کان یخطب یوم الفطر فیقول
الحمد لله الذی خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات و النور ثم الذین کفروا بربهم یعدلون لا أشرک بالله شیئا و لا اتخذ من دونه ولیا والحمد لله الذی له ما فی السماوات وما فی الأرض وله الحمد فی الآخرة وهو الحکیم الخبیر یعلم ما یلج فی الأرض وما یخرج منها وما ینزل من السماء وما یعرج فیها وهو الرحیم الغفور کذلک الله ربنا جل ثناءه لا أمد له ولا غایة له ولا نهایة ولا اله الا هو إلیه المصیر والحمد لله الذی یمسک السماء ان تقع على الأرض الا باذنه ان الله بالناس لرءوف رحیم اللهم ارحمنا برحمتک واعممنا بعافیتک وامددنا بعصمتک ولا تخلنا من رحمتک انک أنت الغفور الرحیم والحمد لله لا مقنوطا من رحمته ولا مخلوا من نعمته ولا مؤیسا من روحه ولا مستنکفا
عن عبادته الذی بکلمته قامت السماوات السبع وثبتت الجبال الرواسی وجرت الریاح اللواقح وسارت فی جو السماء السحاب وقامت على حدودها البحار فتبارک الله رب العالمین اله قاهر قادر ذل له المتعززون وتضائل له المتکبرون ودان طوعا وکرها له العالمون نحمده بما حمد به نفسه وکما هو أهله ونستعینه ونستغفره ونشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شریک له یعلم ما تخفى النفوس وما تجن البحار وما توارى الاسراب وما تغیض الأرحام وما تزداد وکل شئ عنده بمقدار لا توارى منه ظلمة ولا تغیب عنه غائبة وما تسقط من ورقة الا یعلمها و لاحبة فی ظلمات الأرض ولا رطب ولا یابس الا فی کتاب مبین و یعلم ما یعمل العاملون والى أی منقلب ینقلبون ونستهدى الله بالهدى ونعوذ به من الضلال والردئ ونشهد ان محمدا عبده ونبیه ورسوله إلى الناس کافة وأمینه على وحیه وانه
بلغ رسالة ربه وجاهد فی الله المدبرین عنه وعبده حتى اتاه الیقین صلى الله علیه وآله أوصیکم عباد الله بتقوى الله الذی لا تبرح منه نعمة ولا تفقد له رحمة و لا تستغنى عنه العباد ولا تجزى انعمه الأعمال الذی رغب فی الآخرة وزهد فی الدنیا وحذر المعاصی وتعزز بالبقاء وتفرد بالعز والبهاء وجعل الموت غایة المخلوقین وسبیل الماضین وهو معقود بنواصی الخلق کلهم حتم فی رقابهم لا یعجزه لحوق الهارب ولا یفوته ناء ولا آئب یهدم کل لذة ویزیل کل بهجة وصحة ویقشع کل نعمة عباد الله ان الدنیا دار رضی الله لأهلها الفناء وقدر علیهم بها الجلاء فکل ما فیها نافد وکل من یسلکها بائد وهی مع ذلک حلوة خضرة رائقة نضرة قد زینت للطالب ولاطت بقلب الراغب یطیبها الطامع ویجتویها الوجل الخائف فارتحلوا رحمکم الله منها بأحسن ما
بحضرتکم من الزاد ولا تطلبوا منها سوى البلغة وکونوا فیها کسفر نزلوا منزلا فتمتعوا منه بأدنى ظل ثم ارتحلوا لشأنهم و لا تمدوا أعینکم فیها إلى ما متع به المترفون وأضروا فیها بأنفسکم فان ذلک أخف للحساب وأقرب من النجاة الا وان الدنیا قد تنکرت وأدبرت وآذنت بوداع الا وان الآخرة قد أقبلت وأشرفت ونادت باطلاع وان المضمار الیوم وغدا السباق الا وان السبقة الجنة والغایة أفلا تائب من خطیئة قبل هجوم منیة أولا عامل لنفسه قبل یوم فقره وبؤسه جعلنا الله وإیاکم ممن یخافه ویرجو ثوابه الا وان هذا الیوم یوم جعله الله عیدا وجعلکم له أهلا فاذکروا الله یذکرکم وکبروه وعظموه وسبحوه ومجدوه وادعوه یستجب لکم واستغفروه یغفر لکم وتضرعوا وابتهلوا وتوبوا وأنیبوا وأدوا فطرتکم فإنها سنة نبیکم وفریضة واجبة من ربکم فلیخرجها کل امرء منکم
عن نفسه وعن عیاله کلهم ذکرهم وأنثاهم صغیرهم وکبیرهم وحرهم ومملوکهم یخرج عن کل واحد منهم صاعا من شعیر أو صاعا من تمر أو نصف صاع من بر من طیب کسبه طیبة بذلک نفسه عباد الله وتعاونوا على البر والتقوى وتراحموا وتعاطفوا وأدوا فرائض الله علیکم فیما امرکم به من إقامة الصلاة المکتوبات وأداء الزکاة و صیام شهر رمضان وحج البیت الحرام والامر بالمعروف و النهى عن المنکر والاحسان إلى نسائکم وما ملکت ایمانکم و اتقوا الله فیما نهیکم عنه وأطیعوه فی اجتناب قذف المحصنات واتیان الفواحش وشرب الخمر ونجس المکیال ونقص المیزان وشهادة الزور والفرار من الزحف عصمنا الله وإیاکم بالتقوى وجعل الآخرة خیرا لنا ولکم من هذه الدنیا ان أحسن الحدیث وأبلغ الموعظة کلام الله تعالى أعوذ بالله من الشیطان الرجیم
بسم الله الرحمن الرحیم قل هو الله أحد الله الصمد لم یلد ولم یولد ولم یکن له کفوا أحد ثم جلس وقام وقال الحمد لله نحمده ونستعینه ونستغفره ونستهدیه ونؤمن به ونتوکل علیه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سیئات أعمالنا من یهدى الله فهو المهتدى ومن یضل فلن تجد له ولیا مرشدا واشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شریک له وأشهد أن محمدا عبده و رسوله
أقول قال المجلسی ره وذکر باقی الخطبة فی یوم الجمعة انتهى وانا الحق الباقی الذی ذکره هناک والحقه بها ههنا کیلا یحتاج الناظر إلى الرجوع إلى محل ذکره وهو هذا قال علیه السلام بعد اشهد ان محمدا عبده ورسوله صلوات الله علیه وآله وسلامه و مغفرته ورضوانه اللهم صل على محمد عبدک ورسولک ونبیک وصفیک صلاة تامة نامیة زاکیة ترفع بها درجته وتبین بها فضیلته وصل على محمد وآل محمد کما صلیت وبارکت على إبراهیم وآل إبراهیم انک حمید مجید اللهم عذب کفرة أهل الکتاب و المشرکین الذین یصدون عن سبیلک ویجحدون آیاتک ویکذبون
رسلک اللهم خالف بین کلمتهم وألق الرعب فی قلوبهم وانزل علیهم رجزک ونقمتک وبأسک الذی لا ترده عن القوم المجرمین اللهم انصر جیوش المسلمین وسرایاهم ومرابطیهم حیث کانوا فی مشارق الأرض ومغاربها انک على کل شئ قدیر اللهم اغفر للمؤمنین والمؤمنات والمسلمین والمسلمات ولمن هو لاحق بهم و اجعل التقوى زادهم والجنة مأبهم والایمان والحکمة فی قلوبهم واوزعهم ان یشکروا نعمتک التی أنعمت علیهم وان یوفوا بعهدک الذی عاهدتم علیه اله الحق وخالق الخلق آمین ان الله یأمر بالعدل والاحسان وایتاء ذی القربى وینهى عن الفحشاء والمنکر والبغی یعظکم لعلکم تذکرون اذکروا الله فإنه ذاکر لمن ذکره وسلوه رحمته وفضله فإنه لا یخیب علیه داع من المؤمنین دعاه ربنا آتنا فی الدنیا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
أقول اعلم أن الرضی رضی الله عنه قد نقل بعض فصول هذه الخطبة فی نهج البلاغة ونقل تمامها الصدوق ره فی الفقیه باختلاف یسیر قوله أمدا الأمد نهایة البلوغ وجمعه آماد یقال بلغ أمده أی
غایته وحکى عن الراغب ان الأمد والأبد متقاربان قوله واعممنا أی اغفر لنا جمیع خطایانا أو الأعم وامددنا على بناء الافعال أو بضم الدال على بناء المجرد أی قونا وأیدنا ولا مقنوطا حال من الجلالة ومن رحمته قائم مقام الفاعل لقوله مقنوطا والروح بالفتح الرحمة ولا مستنکفا فی بعض النسخ بفتح الکاف على سیاق سائر الفقرات وفى أکثرها بکسر الکاف وفى النهج الحمد لله غیر مقنوط من رحمته ولا مخلو من نعمته ولا مأیوس من مغفرته ولا مستنکف عن عبادته الذی لا تبرح منه رحمة ولا تفقد له نعمة القنوط والقنط المنع الذی بکلمته أو بقوله کن بقدرته وارادته مجازا أو ما یعمه الأعظم کما فی القاموس والمهاد ککتاب الفراش والبساط والرواحی الثوابت الرواسخ واللواقح أی الحوامل السحائب جمع السحاب المتعززون أی الأعزاء بین الخلق والذین یتکلفون العزة ولیسوا بأهلها ولا متصفین بها والتضاءل التصاغر والضئیل الخیف الجسم والحقیر ودان أی ذل وأطاع وجنه واجنه أی ستره والأسراب جمع السرب بالتحریک وهو حجر الوحشی والحفیر تحت الأرض وما تغیض الأرحام أی تنقص من المدة أو العدد ولا یفوته ناء أی بعید ولا آئب أی راجع وقشعت أی کشفت و الجلاء الخروج من البلد والنافد الفانی والبائد الهالک ولاطت بقلب الراغب قال فی الصحاح ولاط الشئ بقلبی یلوط ویلیط وانى لاجدله فی قلبی لوطا هو الحب اللازق بالقلب وأطابه جعله طیبا والنسخ هنا مختلفة وأجودها یستطیبها وفى بعض النسخ یطیبها من قولهم طباه یطبوه ویطیبه إذا دعاه والظاهر أنه تصحیف ویجتویها الوجل الخائف من قولهم اجتواه أی کرهه وفى بعض النسخ یحتویها من الاحتواء بالحاء المهملة أی یجمعها ویحوزها والارتحال السفر و الانتقال والباء للمصاحبة وقرب الرجل وحضوره هو الحضرة وما هو موجود وحاضر لدیکم من الزاد وهو التقوى والزاد طعام یتخذ للسفر ولا تمدوا أعینکم أی لا تنظروا نظر رغبة أو لا تطمحوا بأنفسکم طموح راغب إلى ما متع به المترفون وفى القاموس المترف کمکرم یصنع ما یشاء والسبقه بضم السین اسم لما یجعل للسابق المضمار تضمیر الفرس وموضعه وقد یطلق على میدان المسابقة وتضمیر الفرس تعلیفه حتى یسمن ویقال لمکان التضمیر المضمار والغایة بمعنى غایة المیدان والمنیة الموت والبؤس الخضوع لشدة الحاجة والابتهال التضرع والإنابة التوبة أو الرجوع إلى الطاعة قوله أو نصف صاع کذا فی أکثر النسخ ونسب إلى خطه ره وفى بعض النسخ صاعا من برو الأول محمول على التقیة لأنه من بدع عثمان کما ذکر فی محله والبخس النقص والظلم