(1)
5670- الإمام علیّ علیهالسلام: وفسح بین الجوّ وبینها، وأعدّ الهواء متنسّماً لساکنها، وأخرج إلیها أهلها علی تمام مرافقها، ثمّ لم یدع جرز(2) الأرض التی تقصر میاه العیون عن روابیها، ولا تجد جداول الأنهار ذریعة إلی بلوغها، حتی أنشأ لها ناشئة سحاب تحیی مواتها وتستخرج نباتها. ألّف غمامها بعد افتراق لمعه وتباین قزعه، حتی إذا تمخّضت لجّة المزن فیه، والتمع برقه فی کففه(3)، ولم ینم ومیضه فی کنهور ربابه ومتراکم سحابه، أرسله سحّاً متدارکاً، قد أسفّ هیدبه، تمریه الجنوب درر أهاضیبه ودفع شآبیبه، فلمّا ألقت السحاب برک بوانیها، وبعاع ما استقلّت به من العبء المحمول علیها أخرج به من هوامد الأرض النبات، ومن زعر الجبال الأعشاب، فهی تبهج بزینة ریاضها، وتزدهی بما ألبسته من ریط
أزاهیرها، وحلیة ما سمطت به من ناضر أنوارها، وجعل ذلک بلاغاً للأنام ورزقاً للأنعام، وخرق الفجاج فی آفاقها وأقام المنار للسالکین علی جواد طرقها(4)
1) یبیّن الإمام علیّ علیهالسلام فی الخطبة 91 نعمة من نِعَم اللَّه علی عباده، تتّصل بتحریک الجوّ وما فیه من هواء وریاح وغیوم. ففی تقدیر اللَّه تعالی أنّه أجری فی السهول أنهاراً لیشرب منها الناس والدوابّ والنبات، أمّا المناطق العالیة فی الجبال فلم یترکها بدون ماء وحیاة، بل سیّر لها نصیبها من الماء عن طریق حرکة الریاح التی تنشأ عن اختلاف الحرارة بین سطح البحر وسطح الجبل، فإذا تبخّر ماء البحر علا فی الجوّ لخفّته، وانحدر من الجبل هواء بارد یملأ فراغه، فتحدث بذلک دورة للریاح، تحمل بموجبها سحب الأمطار إلی أعالی الجبال، فإذا وصلت إلی هنالک فوجئت ببرودة جوّ الجبال، فتکاثفت وانعقدت أمطاراً، تجری علی رؤوس الجبال، مشیعة الحیاة والخصب والنضارة والرزق للنبات والأنعام والأنام (تصنیف نهجالبلاغة: 785).
2) الجرز: الأرض التی لا نبات بها ولا ماء (النهایة: 1 / 260).
3) کُفَّة کلِّ شیء بالضم: طُرّته وحاشیَتُه (النهایة: 4 / 191).
4) نهجالبلاغة: الخطبة 91 عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق علیهالسلام، بحارالأنوار: 57 / 112 / 90.